والباقون : «معاجزين» في الأماكن الثلاثة (١). والجحدري كقراءة (٢) ابن كثير وأبي عمرو في جميع القرآن (٣). وابن الزبير «معجزين» بسكون العين (٤) فأما الأولى ففيها وجهان :
أحدهما : قال الفارسي : معناه ناسبين أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى العجز نحو : فسقته ، أي : نسبته إلى الفسق (٥).
والثاني : أنها للتكثير ومعناها مثبطين الناس عن الإيمان (٦).
وأما الثانية فمعناها ظانين أنهم يعجزوننا ، وقيل : معاندين (٧).
وقال الزمخشري : عاجزه : سابقه ، لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر عن اللحاق به ، فإذا سبقه قيل : أعجزه وعجّزه. فالمعنى : سابقين أو مسابقين في زعمهم وتقديرهم طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم (٨) والمعنى : سعوا في معناها بالفساد. وقال أبو البقاء : إن «معاجزين» في معنى المشدّد مثل : عاهد : عهّد ، وقيل : عاجز سابق ، وعجّز : سبق (٩).
فصل
اختلفوا في المراد هل معاجزين لله أو الرسول والمؤمنين ، والأقرب هو الثاني لأنهم إن أنكروا الله استحال منهم أن يطمعوا في إعجازه ، وإن أثبتوه فيبعد أن يعتقدوا أنهم يعجزونه ويغلبونه ، ويصح منهم أن يظنوا ذلك في الرسول بالحيل والمكايد (١٠).
فأما (١١) القائلون بالأول فقال قتادة : ظانين ومقدرين أنهم يعجزوننا بزعمهم وأن لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار ، أو يعجزوننا : يفوتوننا فلا نقدر عليهم كقوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا)(١٢) ، أو يعجزون الله بإدخال الشّبه في قلوب الناس (١٣).
__________________
ـ تعالى : «وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ» [سبأ : ٣٧].
(١) السبعة (٤٣٩) ، الكشف ٢ / ١٢٢ ، النشر ٢ / ٣٢٧ ، الإتحاف ٣١٦.
(٢) في ب : لقراءة. وهو تحريف.
(٣) البحر المحيط ٦ / ٣٧٩.
(٤) من أعجزني : إذا سبقك ففاتك. البحر المحيط ٦ / ٣٧٩.
(٥) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٠٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٠.
(٦) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٣٣. البحر المحيط ٦ / ٣٨٠.
(٧) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٣٣ ، البحر المحيط ٦ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٦ ـ ٣٧.
(٩) التبيان ٢ / ٩٤٥.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٤٨.
(١١) في ب : وأما.
(١٢) [العنكبوت : ٤].
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٤٨.