التّسبيحة ، أي : تسبّح التّسبيحة على المجاز المسوّغ لإسناده إلى الوقتين ، كما خرجوا قراءة أبي جعفر أيضا : (لِيَجْزِيَ قَوْماً)(١) أي : «ليجزى الجزاء قوما» (٢) ، بل هذا أولى من آية الجاثية ، إذ ليس هنا مفعول صريح.
فصل
اختلفوا في هذا التسبيح. فالأكثرون حملوه على الصلاة المفروضة ، وهؤلاء منهم من حمله على صلاة الصبح والعصر ، فقال : كانتا واجبتين في بدء الحال ثم زيد فيهما (٣) ، وقال عليهالسلام (٤) : «من صلى صلاة البردين دخل الجنة» (٥). وقيل : أراد الصلوات المفروضة ، فالتي تؤدى بالغداة صلاة الفجر ، والتي تؤدى بالآصال صلاة الظهر والعصر والعشاءين لأن اسم الأصيل يجمعهما (٦) ، و «الآصال» جمع أصيل ، وهو العشي.
وإنما وحد «الغدو» لأنه مصدر في الأصل لا يجمع ، و «الأصيل» اسم فجمع.
قال الزمخشري : «بالغدو ، أي بأوقات الغد ، أي بالغدوات» (٧).
وقيل : صلاة الضحى ، قال عليهالسلام (٨) : «من مشى إلى صلاة مكتوبة وهو متطهّر ، فأجره كأجر الحاجّ المحرم ، ومن مشى إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر ، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في علّيّين» (٩). وقال ابن عباس : «إنّ صلاة الضحى لفي كتاب الله (مذكورة) (١٠) (وتلا هذه) (١١) الآية (١٢). وقيل : المراد منه تنزيه الله تعالى عما لا يليق به في ذاته وفعله ؛ لأنه قد عطف على ذلك الصلاة والزكاة فقال : (عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ)(١٣). وهذا الوجه أظهر (١٤).
وقرىء : «بالغدو والإيصال» (١٥) وهو الدخول في الأصل (١٦).
قوله : «لا تلهيهم» في محل رفع صفة ل (١٧) «رجال». (و) (١٨) خص الرجال
__________________
(١) [الجاثية : ١٤]. وهي بضم الياء وفتح الزاي مبنيّا للمفعول. النشر ٢ / ٣٧٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٨.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٤.
(٤) في ب : عليه الصلاة السلام.
(٥) أخرجه البخاري (مواقيت الصلاة) ١ / ١٠٩ ، مسلم (مساجد) ١ / ٤٤٠ الدارمي (صلاة) ١ / ٣٣٢ ، أحمد ٤ / ٨٠.
(٦) انظر البغوي ٦ / ١٢٢.
(٧) الكشاف ٣ / ٧٨.
(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٩) أخرجه أبو داود (صلاة) ١ / ٣٧٨.
(١٠) مذكورة : تكلمة من الفخر الرازي.
(١١) في النسختين : وتوريهده. والصواب ما أثبته.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٤.
(١٣) من الآية (٣٧) من سورة نفسها.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٤.
(١٥) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥١٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٨.
(١٦) انظر الكشاف ٣ / ٨٧.
(١٧) ل : سقط من ب.
(١٨) و : تكملة ليست بالمخطوط.