أحدهما : أنها للعلة (١). والثاني : أنها للعاقبة (٢). و «ما» في قوله : (ما يُلْقِي) الظاهر أنها بمعنى الذي ، ويجوز أن تكون مصدرية (٣).
قوله : (وَالْقاسِيَةِ) أل في «القاسية» موصولة ، والصفة (٤) صلتها ، و «قلوبهم» فاعل بها ، والضمير المضاف إليه هو عائد الموصول ، وأنّثت (٥) الصلة لأن مرفوعها مؤنث مجازي ، ولو وضع فعل(٦) موضعها لجاز تأنيثه (٧). و «القاسية» عطف على «الذين» (٨) ، أي : فتنة للذين في قلوبهم مرض وفتنة للقاسية قلوبهم.
قوله : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ) عطف على «ليجعل» عطف علة على مثلها والضمير في «أنّه» قال الزمخشري : إنه (٩) يعود على تمكين الشيطان ، أي : ليعلم المؤمنون أن تمكين الشيطان من ذلك الإلقاء هو الحق (١٠). أما على قول أهل السنة فلأنه تعالى يتصرف كيف شاء في ملكه وملكه فكان حقا وأما على قول المعتزلة فلأنه تعالى حكيم فتكون كل أفعاله صوابا فيؤمنوا به (١١) وقال ابن عطية : إنه يعود على القرآن (١٢) ، وهو وإن لم يجر له ذكر فهو في قوة المنطوق ، وهو قول مقاتل (١٣). وقال الكلبي: إنه يعود إلى نسخ الله ما ألقاه الشيطان (٣).
قوله : «فيؤمنوا» عطف على «وليعلم» ، و «فتخبت» عطف عليه وما أحسن ما وقعت هذه الفاءان (١٤). ومعنى «فتخبت» أي تخضع وتسكن له قلوبهم لعلمهم بأن المقضي كائن وكلّ ميسّر لما خلق له (١٥).
فصل
ومعنى (أُوتُوا الْعِلْمَ) أي : التوحيد والقرآن. وقال السّدّي : التصديق. (فَيُؤْمِنُوا بِهِ) أي: يعتقدوا أنه من الله (١٦).
قوله : (وَإِنَّ اللهَ لَهادِ)(١٧) قرأ العامة «لهاد (٧) الذين» بالإضافة تخفيفا (١٨). وابن أبي
__________________
(١) واستظهره أبو حيان.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٨٢.
(٣) المرجع السابق.
(٤) في الأصل : وصفة. وهو تحريف.
(٥) في ب : وأثبتت. وهو تحريف.
(٦) في ب : فعلى. وهو تحريف.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٤٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٢.
(٨) انظر التبيان ٢ / ٩٤٥.
(٩) في ب : وإنه.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ٣٧.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٥٦.
(١٢) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٠٨.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٥٦.
(١٤) لدلالة الفاء على الترتيب والتعقيب ، أي أن المعطوف متصل بالمعطوف عليه بلا مهلة ، فالخشوع متصل بالإيمان ، والإيمان متصل بالعلم بلا مهلة.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٥٦.
(١٦) انظر البغوي ٥ / ٦٠٤.
(١٧) في النسختين : لهادي.
(١٨) التبيان ٢ / ٩٤٦ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٣.