كنعامى بألف التأنيث (١). وكذلك عن ابن عباس وعطاء إلا أنهما شددا الجيم (٢). قوله : (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) نسق على «رجالا» ، فيكون حالا (٣) أي : مشاة وركبانا (٤). والضمور : الهزال ، ضمر يضمر ضمورا ، والمعنى أن الناقة صارت ضامرة لطول سفرها (٥).
قوله : «يأتين». النون ضمير (كُلِّ ضامِرٍ) حملا على المعنى ، إذ المعنى : على ضوامر ، ف «يأتين» صفة ل «ضامر» ، وأتى بضمير الجمع حملا على المعنى (٦) ، أي جماعة الإبل ، وقد تقدم في أول الكتاب أن «كل» إذا أضيفت إلى نكرة لم يراع (٧) معناها إلا في قليل (٨) ، كقوله :
٣٧٥٩ ـ جادت عليه كلّ عين ثرّة |
|
فتركت كلّ (٩) حديقة كالدّرهم (١٠) |
وهذه الآية ترده ، فإن «كلّ» فيها مضافة لنكرة وقد روعي معناها ، وكان بعضهم أجاب عن بيت زهير بأنه (١١) إنما جاز ذلك ؛ لأنه في جملتين ، قيل له : فهذه الآية جملة واحدة ، لأن «يأتين» صفة ل «ضامر». وجوّز أبو حيان أن يكون الضمير يشمل «رجالا» و (كُلِّ ضامِرٍ) قال : على معنى الجماعات والرفاق (١٢). قال شهاب الدين : فعلى هذا
__________________
(١) المحتسب ٢ / ٧٩ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.
(٢) المختصر (٩٥) ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.
(٣) في ب : رجالا. وهو تحريف.
(٤) انظر البيان ٢ / ١٧٤ ، التبيان ٢ / ٩٤٠.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٩.
(٦) انظر البيان ٢ / ١٧٤ ، التبيان ٢ / ٩٤٠.
(٧) في الأصل : لم يراعى.
(٨) اعلم أن لفظ (كل) حكمه الإفراد والتذكير ومعناها بحسب ما تضاف إليه فإن كانت مضافة إلى منكر وجب مراعاة معناها ، وهو قول ابن مالك ، فلذلك جاء الضمير مفردا مذكرا في قوله تعالى :«وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ» [القمر : ٥٢]. ومفردا مؤنثا في قوله تعالى :«كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ»[المدثر : ٣٨]. ومثنى في قول الفرزدق :
وكلّ رفيقي كلّ رحل وإن هما |
|
تعاطى القنا قوماهما أخوان |
ومجموعا مذكرا في قوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [المؤمنون : ٥٣] ، ومؤنثا في قول الشاعر :
وكلّ مصيبات الزّمان وجدتها |
|
سوى فرقة الأحباب هينة الخطب |
وقول أبي حيان جواز الأمرين مطلقا ، كقوله :
جادت عليه كلّ عين ثرّة |
|
فتركن كلّ حديقة كالدّرهم |
فقال : (تركن) ولم يقل تركت ، فدلّ على جواز : كل رجل قائم ، وقائمون. وقول ابن هشام : إن المضاف إلى المفرد إن أريد نسبة الحكم إلى كل واحد وجب الإفراد نحو كل رجل يشبعه رغيف ، أو إلى المجموع وجب الجمع كبيت عنترة ، فإن المراد أن كل فرد من الأعين جاد ، وأن مجموع الأعين تركن. المغني ١ / ١٩٦ ـ ١٩٨ ، الهمع ٢ / ٧٤.
(٩) في الأصل : على كل. وهو تحريف.
(١٠) البيت من بحر الكامل ، قاله عنترة ، وهو من معلقته وهو في شرح القصائد السبع الطوال (٣١٢) المنصف ٢ / ١٩٩ ، المغني ١ / ١٩٨ ، المقاصد النحوية ٣ / ٣٠٨ ، الهمع ٢ / ٧٤ ، الأشموني ٢ / ٢٤٨ ، الدرر ٢ / ٩١.
(١١) في ب : أنه.
(١٢) البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.