المضارع بعدها حتى صار علة للفعل قبله ، وهذا غير لازم لما تقدم من وضوح المعنى مع جعلها ناهية (١).
فصل (٢)
وههنا سؤالات :
الأول : إذا قلنا : أنّ (أن) هي المفسرة : فكيف يكون النهي عن الشرك والأمر بتطهير البيت تفسيرا للتبوئة؟
والجواب : أنه سبحانه (٣) لما قال : جعلنا البيت مرجعا لإبراهيم ، فكأنه قيل : ما معنى كون البيت مرجعا له ، فأجيب عنه بأن معناه أن يكون بقلبه (٤) موحدا لرب البيت عن الشريك والنظير مشتغلا بتنظيف البيت عن الأوثان والأصنام.
السؤال الثاني : أن إبراهيم ـ عليهالسلام (٥) ـ لما لم يشرك بالله فيكف قيل : (لا تُشْرِكْ بِي)؟
والجواب : المعنى : لا تجعل في العبادة لي شريكا ، ولا تشرك بي غرضا آخر في بناء البيت.
السؤال الثالث : أنّ البيت ما كان معمورا قبل ذلك فكيف قال : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ).
والجواب : لعل ذلك المكان كان صحراء فكانوا (٦) يرمون إليها الأقذار ، فأمر إبراهيم ببناء ذلك (٧) البيت في ذلك المكان وتطهيره عن الأقذار ، أو كانت معمورة وكانوا وضعوا فيها أصناما ، فأمره الله تعالى بتخريب ذلك البناء (٨) ووضع بناء جديد ، فذلك هو التطهير عن الأوثان ، أو يكون المراد أنك بعد أن تبنيه فطهره عما لا (٩) ينبغي من الشرك.
وقوله : «للطّائفين» قال ابن عباس : للطائفين بالبيت من غير أهل مكة (وَالْقائِمِينَ) أي : المقيمين فيها ، (وَالرُّكَّعِ (١٠) السُّجُودِ) أي : المصلين من الكل ، وقيل : القائمون هم المصلون (١١).
قوله : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ). قرأ العامة بتشديد الذال بمعنى (ناد) (١٢)(١٣).
__________________
(١) الدر المصون : ٥ / ٧١.
(٢) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) في ب : سبحانه وتعالى.
(٤) في الأصل : به أن يكون تقلبه. وهو تحريف.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) في ب : وكانوا.
(٧) ذلك : سقط من ب.
(٨) في ب : البيت.
(٩) في ب : عين ما لا. وهو تحريف.
(١٠) في الأصل : وركع. وهو تحريف.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٨.
(١٢) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٦٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.
(١٣) في ب : باذ. وهو تحريف.