إلا لتبوئة وليست بمعنى (١) القول فضمنها معنى القول ، ولا يريد بقوله : قلنا : لا تشرك. تفسير الإعراب بل تفسير المعنى ، لأن المفسرة لا تفسر القول الصريح (٢).
الثاني : أنها المخففة من الثقيلة. قاله ابن عطية (٣). وفيه نظر من حيث إن (أن) المخففة لا بد أن يتقدمها فعل تحقيق أو ترجيح كحالها (٤) إذا كانت مشددة (٥).
الثالث : أنها المصدرية التي تنصب المضارع ، وهي توصل بالماضي والمضارع والأمر ، والنهي كالأمر (٦) ، وعلى هذا ف «أن» مجرورة بلام العلة مقدرة أي : بوأناه لئلا تشرك ، وكان من حق اللفظ على هذا الوجه أن يكون «أن لا يشرك» بياء الغيبة ، وقد قرىء بذلك ، قال أبو البقاء : وقوى ذلك قراءة من قرأة (٧) بالياء (٨). يعني من تحت. ووجه قراءة العامة على هذا التخريج (٩) أن يكون من الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
الرابع : أنها الناصبة ومجرورة بلام أيضا ، إلا أن اللام متعلقة بمحذوف ، أي : فعلنا ذلك لئلا تشرك ، فجعل النهي صلة لها ، وقوّى ذلك قراءة الياء قاله أبو البقاء (١٠). والأصل عدم التقدير مع عدم الاحتياج إليه. وقرأ عكرمة وأبو نهيك «أن لا يشرك» بالياء (١١).
قال أبو حيان : على معنى أن يقول معنى القول الذي قيل له (١٢). وقال أبو حاتم : ولا بد من نصب الكاف على هذه القراءة بمعنى : لئلا يشرك (١٣). قال شهاب الدين : كأنه لم يظهر له صلة (أن) المصدرية بجملة النهي ؛ فجعل (لا) نافية ، وسلّط (أن) على
__________________
(١) في ب : معنى.
(٢) خلافا لابن عصفور فإنه جوز أن يفسر بها صريح القول ، فإنه ذكر من أقسام (أن) أن تكون حرف عبارة وتفسير ، فقال : (والتي هي حرف عبارة وتفسير ، وهي الواقعة بعد القول أو ما يرجع معناه إلى معنى القول ، وتكون ما بعدها تفسيرا لما قبلها ، ولا موضع لها من الإعراب) ، شرح جمل الزجاجي ٢ / ١٧٣ ، وانظر أيضا المغني ١ / ٣٢.
(٣) تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٦٢. وانظر أيضا البيان ٢ / ١٧٤.
(٤) في النسختين : كمالها. والصواب ما أثبته.
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٦٣.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٦٤ ، المغني ١ / ٢٨ ، الهمع ١ / ٢.
(٧) في ب : قرأ.
(٨) التبيان ٢ / ٩٤٠ ، وقرأ «يشرك» بالياء عكرمة وابن محيصن كما سيأتي.
(٩) في الأصل : الترجيح.
(١٠) فإنه قال : (وقيل : هي مصدرية ، أي : فعلنا ذلك لئلا تشرك ، وجعل النهي صلة ، وقوى ذلك قراءة من قرأ بالياء) التبيان ٢ / ٩٤٠.
(١١) المختصر (٩٥). تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٦١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.
(١٢) البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.
(١٣) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٦١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٤.