الكعبة قبل المبعث بخمس عشرة سنة. قال ابن إسحاق : كانت الكعبة على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثماني عشرة ذراعا ، وكانت تكسى القباطي (١) ، ثم كسيت البرود (٢) ، وأول من كساها الديباج (٣) الحجاج بن يوسف (٤).
وأما المسجد الحرام فأول من أخر بنيان البيوت من حول الكعبة عمر بن الخطاب اشتراها من أهلها وهدمها ، فلما كان عثمان اشترى دورا وزادها فيه ، فلما ولّي ابن الزبير أحكم بنيانه وأكثر أبوابه وحسن جدرانه ، ولم يوسعه شيئا آخر ، فلما استوى الأمر إلى عبد الملك بن مروان (٥) زاد في ارتفاع جدرانه وأمر بالكعبة فكسيت الديباج ، وتولى ذلك بأمره الحجاج.
وروي أن الله تعالى (٦) لما أمر إبراهيم ـ عليهالسلام (٧) ـ ببناء (٨) البيت لم يدر أين يبني فبعث الله تعالى ريحا خجوجا فكشفت ما حول البيت عن الأساس. وقال الكلبي : بعث الله سحابة (٩) بقدر البيت ، فقامت بحيال البيت فيها رأس يتكلم وله لسان وعينان يا إبراهيم ابن على قدري وحيالي ، فبنى عليه(١٠).
قوله : (أَنْ لا تُشْرِكْ) في «أن» هذه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها هي المفسرة (١١). قال الزمخشري بعد أن ذكر هذا الوجه : فإن قلت : كيف يكون النهي عن الشرك ، والأمر بتطهير البيت تفسيرا للتبوئة. قلت : كانت التبوئة مقصودة من أجل العبادة ، وكأنه قيل تعبدنا (١٢) إبراهيم قلنا لا تشرك (١٣). يعني الزمخشري (١٤) أن «أن» المفسرة لا بد أن يتقدمها ما هو بمعنى القول لا حروفه ولم يتقدم
__________________
(١) القباطيّ : ثياب من كتاب بيض رقاق ، كانت تنسج بمصر ، وهي منسوبة إلى القبط (على غير قياس).
المعجم الوسيط (قبط) ٢ / ٧٣٨.
(٢) البرود : جمع البرد وهو ثوب فيه خطوط. اللسان (برد).
(٣) الديباج : ضرب من الثياب. اللسان (دبج).
(٤) انظر تفسير ابن كثير ١ / ٣٢٩.
(٥) هو عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي أبو الوليد المدني ثم الدمشقي أخذ عن أبيه وأبي هريرة وأم سلمة ، وأخذ عنه ابنه محمد وعروة والزهيري ، مات سنة ٣٦ ه. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(٦) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٥٧٣ ـ ٥٧٣.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) في الأصل : بناء.
(٩) في ب : سبحانه. وهو تحريف.
(١٠) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٥٧٢ ـ ٥٧٣.
(١١) ذكرت شروط «أن» المفسرة في سورة طه عند قوله تعالى :«أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ» من الآية (٣٩).
وانظر إعراب القرآن للنحاس ٣ / ٩٤ ، ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٩٧ ، الكشاف ٣ / ٣٠ ، ابن عطية ١٠ / ٢٦٢ ، والبيان ٢ / ١٧٤ ، التبيان ٢ / ٩٤٠.
(١٢) في الأصل : بعديا. وهو تحريف.
(١٣) الكشاف ٣ / ٣٠.
(١٤) الزمخشري : سقط من ب.