والرابعة : بناء ابن الزبير (١).
والخامسة : بناء الحجاج (٢) وهو البناء الموجود اليوم.
وروى أبو ذر قال : قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال : «المسجد الحرام».
قال : ثم قلت : أي؟ قال : «المسجد الأقصى». قلت : كم بينهما؟ قال : «أربعون سنة» (٣) والمسجد الأقصى أسسه يعقوب ـ عليهالسلام (٤) ـ وروى عبد الله بن عمرو بن العاص (٥) قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «بعث الله جبريل عليهالسلام (٦) إلى آدم وحواء فقال لهما : ابنيا لي بيتا ، فخطّ لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء نودي من تحته : حسبك يا آدم. فلما بنياه أوحى الله تعالى إليه أن يطوف به ، وقيل له أنت أول الناس وهذا أول بيت ، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح ، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه». روي عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ أن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم ـ عليهالسلام (٧) ـ أن ابن لي بيتا في الأرض ، فضاق به زرعا ، فأرسل الله السكينة وهي ريح خجوج (٨) لها رأس ، فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت ، ثم تطوقت في موضع البيت تطوّق الحية ، فبنى إبراهيم حتى إذا بلغ مكان الحجر ، قال لابنه : ابغني حجرا ، فالتمس حجرا حتى أتاه به ، فوجد الحجر الأسود قد ركب ، فقال لأبيه (٩) : من أين لك هذا؟ قال : جاء به من لا يتكل على بنائك ، جاء به جبريل من السماء فأتمه ، قال : فمرّ عليه الدهر فانهدم ، فبنته العمالقة ، ثم انهدم فبنته جرهم ، ثم انهدم فبنته قريش ورسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يومئذ رجل شاب فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه فقالوا : نحكم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة ، فكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أول من خرج ، فقضى بينهم أن يجعلوه في مربط ثم ترفعه جميع القبائل كلهم ، فرفعوه ، ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن ، فوضعه ، وكانوا يدعونه الأمين (١٠). قال موسى بن عقبة (١١) : كان بناء
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه مسلم (مساجد) ١ / ٣٧٠ ، النسائي (مساجد) ٢ / ٣٢ ، ابن ماجه (مساجد) ١ / ٢٤٨ ، أحمد ٥ / ١٥٠ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٦٠ ، ١٦٦ ، ١٦٧.
(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٥) هو عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي ، أخذ عنه ابن المسيب وعروة وطاوس وغيرهم وكان يلوم أباه على القتال في الفتنة بأدب وتؤدة. مات سنة ٦٥ ه. خلاصة تذهب تهذيب الكمال ٢ / ٨٣.
(٦) عليهالسلام : سقط من ب.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) الخجوج : الريح الشديدة المرّ ، وريح خجوج : تخج في هبوبها ، أي تلتوي. اللسان (خجج).
(٩) في ب : لابنه. وهو تحريف.
(١٠) انظر تفسير ابن كثير ١ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.
(١١) تقدم.