أهو الذي يزني ، ويشرب الخمر ، ويسرق وهو على ذلك يخاف الله؟ فقال عليهالسلام (١) : «لا يا بنت الصديق ، ولكن هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ، وهو على ذلك يخاف الله» (٢) قوله : «أنّهم» يجوز أن يكون التقدير : وجلة من أنّهم (٣) أي : خائفة من رجوعهم إلى ربّهم. ويجوز أن يكون : لأنهم (٤) أي : سبب الوجل الرجوع إلى ربهم.
قوله : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ) هذه الجملة خبر (إِنَّ الَّذِينَ)(٥) ، وقرأ الأعمش : «إنّهم» بالكسر (٦) ، على الاستئناف ، فالوقف على «وجلة» تام أو كاف (٧).
وقرأ الحسن : «يسرعون» (٨) من أسرع. قال الزجاج : يسارعون أبلغ (٩). يعني : من حيث إن المفاعلة تدل على قوة الفعل لأجل المبالغة (١٠).
قوله : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) في الضمير في «لها» أوجه :
أظهرها : أنه يعود على الخيرات لتقدمها في اللفظ (١١).
وقيل : يعود على الجنة (١٢). وقال ابن عباس : إلى السعادة (١٣). وقال الكلبي : سبقوا الأمم إلى (١٤) الخيرات (١٥). والظاهر أن «سابقون» هو الخبر ، و «لها» متعلق به
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) أخرجه الترمذي (التفسير) ٥ / ٩ ، والإمام أحمد في مسنده ٦ / ١٥٩ ، ٢٠٥ ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٥ / ١١.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٣٨ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٧٤ ، التبيان ٢ / ٩٥٨.
(٤) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٧٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤١٠.
(٥) من قوله : «إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ». انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٢ ، البيان ٢ / ١٨٦ ـ ١٨٧ ، البحر المحيط ٦ / ٤١١.
(٦) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٧٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤١١.
(٧) الوقف : هو السكوت على آخر الكلمة اختيارا لتمام الكلام ، فإن تمّ الكلام ولم يكن له تعلق بما بعده لا من جهة اللفظ ، ولا من جهة المعنى ، فهو الوقف التام لتمامه المطلق ، فيوقف عليه ، ويبدأ بما بعده ، وأكثر ما يكون التام في الرؤوس الآي وانقضاء القصص وقد يكون في وسط الآية. وإن كان له تعلق بما بعده من جهة المعنى فقط فهو الوقف الكافي ، للاكتفاء به عما بعده ، واستغناء ما بعده عنه ، وهو كالتام في جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده ، وهو يكثر في الفواصل وغيرها. انظر النشر ١ / ٢٢٤.
(٨) المختصر (٩٨) ، المحتسب ٢ / ٩٦ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٧٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤١١.
(٩) قال الزجاج : (وجائز يسرعون في الخيرات ، ومعناه معنى يسارعون. يقال : أسرعت وسارعت في معنى واحد إلا أن سارعت أبلغ من أسرعت) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١٧.
(١٠) ذلك أن المفاعلة تكون من اثنين ، فتقتضي حث النفس على السبق ؛ لأن من عارضك في شيء تشتهي أن تغلبه فيه. البحر المحيط ٦ / ٤١١.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٤١١.
(١٢) المرجع السابق.
(١٣) انظر البغوي ٦ / ٢٦ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٧٤.
(١٤) في ب : في.
(١٥) انظر البغوي ٦ / ٢٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤١١.