الشيء وترا وفرادى ، قال تعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا)(١). والوتيرة : السّجية والطريقة ، يقال : هم على وتيرة واحدة (٢). والتّرة : الذّحل (٣) والوتيرة (٤) : الحاجز بن المنخرين (٥).
قوله : (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) أي : أنهم سلكوا في تكذيب أنبيائهم مسلك من تقدّم ذكره ممن أهلكه الله بالغرق والصيحة ، ولذلك قال : (فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) بالإهلاك (٦).
قوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) قيل : هو جمع حديث ، ولكنه شاذ (٧). والمعنى : سمرا وقصصا يحدث من بعدهم بأمرهم ، ولم يبق منهم عين ولا أثر إلا الحديث الذي يعتبر به (٨).
وقيل : بل هو جمع أحدوثة ، كأضحوكة وأعجوبة ، وهو ما يتحدث به الناس تلهيا وتعجّبا (٩).
وقال الأخفش : لا يقال ذلك إلا في الشر ولا يقال في الخير (١٠) وقد شذت العرب في ألفاظ ، فجمعوها على صيغة (أفاعيل) كأباطيل وأقاطيع (١١). وقال الزمخشري : الأحاديث يكون اسم جمع للحديث ، ومنه أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١٢).
وقال أبو حيان : و (أفاعيل) ليس من أبنية اسم الجمع ، فإنما ذكره النحاة (١٣) فيما شذ من الجموع كقطيع وأقاطيع ، وإذا كان عباديد قد حكموا عليه بأنه جمع تكسير مع أنهم لم يلفظوا له بواحد(١٤) ، فأحرى (١٥) أحاديث وقد لفظ له بواحد وهو حديث فاتضح أنه جمع تكسير لا اسم جمع لما ذكرنا(١٦). ثم قال تعالى : (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) وهذا دعاء ، وذم ، وتوبيخ ، وذلك وعيد شديد(١٧).
__________________
(١) المفردات في غريب القرآن (٥١١).
(٢) اللسان (وتر).
(٣) الذحل : الثأر ، وقيل : طلب مكافأة بجناية جنيت عليك ، أو عداوة أتيت إليك ، وقيل : هو العداوة والحقد ، وجمعة أذحال وذحول ، وهو التّرة ، يقال طلب بذحله ، أي : بثأره. اللسان (ذحل ، وتر).
(٤) في الأصل : والوتير.
(٥) المنخران : ثقبا الأنف. اللسان (نخر ، وتر).
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٠١.
(٧) انظر شرح الأشموني ٤ / ١٢٩ ، ١٣٨.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٠١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٧.
(٩) انظر الكشاف ٣ / ٤٨.
(١٠) لم أجده في معاني القرآن للأخفش. وهو في البحر المحيط ٦ / ٤٠٧.
(١١) انظر شرح الشافية ٢ / ٢٠٤ ـ ٢٠٦.
(١٢) الكشاف ٣ / ٤٨.
(١٣) في الأصل : البخاري. وهو تحريف.
(١٤) ف (عباديد) جمع ليس له واحد من لفظه ، وقد قدّروا له واحدا وإن لم يستعمل وهو عبدود ، شرح الكافية ٢ / ١٧٨.
(١٥) في ب : وأجرى. وهو تحريف.
(١٦) البحر المحيط ٦ / ٤٠٧. وقال الرضيّ : (وكذا أحاديث النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ في جمع الحديث ، فليس جمع الأحدوثة المستعملة ، لأنها الشيء الطفيف الرذل ، حوشي صلىاللهعليهوسلم عن مثله). شرح الكافية ٢ / ١٧٩.
(١٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٠١.