أظهرهما : أنه منصوب على الحال من «رسلنا» ، يعني : متواترين أي : واحدا بعد واحد ، أو متتابعين على حسب الخلاف في معناه. وحقيقته : أنه مصدر واقع موقع الحال (١).
والثاني : أنه نعت مصدر محذوف ، تقديره : إرسالا تترى ، أي : متتابعا أو إرسالا إثر إرسال (٢) وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ، وهي قراءة الشافعي «تترى» بالتنوين ، ويقفون بالألف ، وباقي السبعة «تترى» بألف صريحة دون تنوين ، والوقف عندهم يكون بالياء ، ويميله حمزة والكسائي ، وهو مثل غضبى وسكرى ، ولا يميله أبو عمرو في الوقف (٣) ، وهذه هي اللغة المشهورة. فمن نوّن فله وجهان:
أحدهما : أنّ وزن الكلمة فعل كفلس فقوله : «تترى» كقولك : نصرته نصرا ؛ ووزنه في قراءتهم «فعلا» (٤). وقد ردّ هذا الوجه ، بأنه لم يحفظ جريان حركات الإعراب على رائه ، فيقال : هذا تتر ، ورأيت تترا ، ومررت بتتر ، نحو : هذا نصر ، ورأيت نصرا ، ومررت بنصر ، فلمّا لم يحفظ ذلك بطل أن يكون وزنه (فعلا) (٥).
الثاني : أنّ ألفه للإلحاق بجعفر ، كهي في أرطى (٦) وعلقى (٧) ، فلما نوّن ذهبت لالتقاء الساكنين (٨) وهذا أقرب مما قبله ، ولكنه يلزم منه وجود ألف (٩) الإلحاق في المصادر ، وهو نادر (١٠) (ومن لم ينوّن ، فله فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الألف بدل من التنوين في حالة الوقف.
والثاني : أنها للإلحاق كأرطى وعلقى) (١١).
الثالث : أنها للتأنيث كدعوى ، وهي واضحة (١٢).
__________________
(١) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٠ ، البيان ٢ / ١٨٥ ، التبيان ٢ / ٩٥٥ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٧.
(٢) انظر التبيان ٢ / ٩٥٥.
(٣) السبعة (٤٤٦). الحجة لابن خالويه (٢٥٧) الكشف ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، ٢ / ١٢٨ ، ١٢٩ النشر ٢ / ٣٢٨ ، الإتحاف ٣١٩.
(٤) انظر الكشف ٢ / ١٢٨ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٠.
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٩٤.
(٦) الأرطى : ـ بفتح فسكون ـ شجر ينبت في الرمل ، واحدته أرطاة. اللسان (أرط).
(٧) العلقى : شجر تدوم خضرته في القيظ ، ولها أفنان طوال دقاق ، وورق لطاف ، واختلف في ألفها ، فبعضهم يجعلها للتأنيث فلا ينوّنها ، وبعضهم يجعلها للإلحاق بجعفر ، وينوّنها. اللسان (علق).
(٨) انظر الكشف ٢ / ١٢٨ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٠ ، البيان ٢ / ١٨٥.
(٩) في الأصل : الألف.
(١٠) قال ابن الأنباري : (فمن قرأ بالتنوين جعل ألفها للإلحاق بجعفر وشرحب ، وألف الإلحاق قليلة في المصادر ، ولهذا جعلها بعضهم بدلا من التنوين) البيان ٢ / ١٨٥.
(١١) ما بين القوسين تكملة من الدر المصون.
(١٢) لأن المصادر كثيرا ما يلحقها ألف التأنيث كالدعوى من دعا ، والذكرى من ذكر ، فلم ينصرف (تترى) للتأنيث وللزومه. الكشف ٢ / ١٢٩ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٠ ، البيان ٢ / ١٨٥.