عطف أيضا ؛ إذ شرط العطف المشاكلة ؛ وهو مفقود ، وذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ) (البقرة : ٦) بعد [قوله] (١) : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (البقرة : ٥).
(فإن قيل :) إذا كان حكم هذه الحالة والتي قبلها واحدا أدّى إلى الإلباس ؛ فإنّه إذا لم يعطف التبس حالة المطابقة بحالة المغايرة ؛ وهلاّ عطفت [الحالة الأولى] (١) [إلحاقا لها] (٢) بالحالة الثانية؟ فإنّ ترك العطف يوهم المطابقة ، والعطف يوهم عدمها ، فلم اختير الأول دون الثاني ؛ مع أنه لم يخل عن إلباس؟ (قيل) : العاطف يوهم الملابسة بوجه قريب أو بعيد ، بخلاف سقوط العاطف ؛ فإنّه وإن أوهم المطابقة ؛ إلا أن أمره واضح ؛ فبأدنى نظر يعلم ، فزال الإلباس.
ـ (الحال الثالثة) : أن يغاير ما قبلها ؛ لكن بينهما نوع ارتباط ، وهذه هي التي يتوسطها العاطف ؛ كقوله : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (البقرة : ٥) ، وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ [هُمْ فِيها خالِدُونَ)] (٣) (الرعد : ٥).
٤ ـ / ١٠٧ (فإن (٤) [قلت) : لم سقط العطف من (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) (الأعراف : ١٧٩) ، ولم يسقط من (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)] (٤)؟. (قلت) : لأن الغفلة شأن الأنعام ؛ فالجملة الثانية كأنها هي الجملة الأولى.
(فإن قلت) : لم سقط في قوله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (البقرة : ١٥)؟ (قلت) : لأن الثانية كالمسئول عنها ، فنزّل تقدير السؤال منزلة صريحه.
ـ (الحال الرابعة) : أن يكون بتقدير الاستئناف ، كأنّ قائلا قال : لم كان كذا؟ فقيل : كذا ؛ فها هنا لا عطف أيضا ، كقوله تعالى : (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ* قالُوا يا أَبانا) (يوسف : ١٦ ـ ١٧). وقوله : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً) (٥) (الأعراف : ١١٣) ، التقدير : فما قالوا أو فعلوا؟ فأجيب هذا التقدير بقوله : «قالوا».
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) كذا الآية في المخطوطة وفي المطبوعة (فلما جاء السحرة لفرعون قالوا أإن لنا لأجرا) الشعراء : ٤١ ، ولكن صواب الآية (قالُوا لِفِرْعَوْنَ).