ذلك الدلالة على شمول الأفراد ، وهي الاستغراقية ، ويظهر أثره في صحة الاستثناء منه ، مع كونه بلفظ الفرد ، نحو : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) (العصر : ٢ ـ ٣) ، وفي صحة وصفه بالجمع نحو : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) (النور : ٣١).
قال صاحب «ضوء المصباح» (١) : [و] (٢) سواء أكان الشمول باعتبار الجنس ، كالرجل والمرأة ، أو باعتبار النوع كالسارق والسارقة ، ويفرق بينهما ، بأن ما دخلت عليه من أجل فعله فيزول عنه الاسم بزوال الفعل ، فهي للنوع. وما دخلت عليه من [أجل] (٢) وصفه فلا يزول عنه الاسم أبدا. هذا كله إذا دخلت على مفرد ، نحو : ([إِلى] (٤) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) (التوبة : ٩٤) (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ [ضَعِيفاً]) (٣) (النساء : ٢٨) (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر : ٢) خلافا للإمام فخر الدين ومن تبعه في قولهم : إن المفرد المحلّى بالألف واللام لا يعمّ ، ولنا الاستثناء في قوله تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) وليس في قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (المائدة : ٣٨) دلالة على العموم ، كما زعم صاحب «الكشاف».
(فإن قلت) : فإذا لم يكن السارق عامّا فبما ذا تقطع يد كل سارق من لدن سرق رداء ٤ / ٩٠ صفوان (٤) إلى انقضاء العالم؟ (قيل) : لأن المراد منه الجنس ؛ أي نفس الحقيقة ؛ والمعنى
__________________
(١) هو محمد بن يعقوب بن إلياس المعروف بابن النحوية تقدم التعريف به في ٣ / ٢٠٩ وبكتابه ٣ / ٣٩٠.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) هو صفوان بن أمية روي : «أنّ صفوان بن أميّة قدم المدينة فنام في المسجد وتوسّد رداءه ، فجاء سارق وأخذ رداءه ، فأخذه صفوان بن أميّة فجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمر أن تقطع يده ، فقال صفوان : إني لم أرد هذا ، وهو عليه صدقة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فهلاّ قبل أن تأتيني به»
هذا الحديث مخرّج من سبع طرق :
الطريق الأولى : من رواية صفوان بن عبد الله بن صفوان ، أنّ صفوان بن أمية ... ، أخرجها مالك في الموطأ ٢ / ٨٣٤ ـ ٨٣٥ ، كتاب الحدود (٤١) ، باب ترك الشفاعة للسارق ... (٩) ، الحديث (٢٨) واللفظ له ، وأخرجه الشافعي من طريق مالك في المسند ٢ / ٨٤ كتاب الحدود ، الباب الثاني في حد السرقة ، الحديث (٢٧٨).
الطريق الثانية : من رواية عبد الله بن صفوان أنّ صفوان بن أمية ... ، أخرجها أحمد في المسند ٣ / ٤٠١ ، وأخرجه ابن ماجة في السنن ٢ / ٨٦٥ ، كتاب الحدود (٢٠) ، باب من سرق من الحرز (٢٨) ، الحديث (٢٥٩٥) ، عن عبد الله بن صفوان ، عن أبيه ...