إثبات مفعوله ، لأنّ الإعطاء] (١) له مطاوع ، يقال : أعطاني فعطوت ، ولا يقال في الإيتاء (٢) : آتاني فأتيت ، وإنما يقال : آتاني فأخذت ، والفعل الذي له مطاوع أضعف في إثبات مفعوله من الذي لا مطاوع له ؛ لأنك تقول : قطعته فانقطع ، فيدلّ على أن فعل الفاعل كان موقوفا على قبول المحلّ ، لولاه لما ثبت المفعول ؛ ولهذا يصح : قطعته فما انقطع ، ولا يصحّ في ما لا مطاوع له ذلك ، فلا يجوز أن يقال : ضربته فانضرب [أو ما انضرب] (١) ولا قتلته فانقتل أو ما انقتل ؛ لأن هذه أفعال إذا صدرت من الفاعل ثبت لها المفعول في المحلّ ، والفاعل مستقلّ بالأفعال التي لا مطاوع لها ؛ فالإيتاء إذن أقوى من الإعطاء.
٤ ـ / ٨٦ قال : وقد تفكّرت في مواضع من القرآن ، فوجدت ذلك مراعى ، قال الله تعالى في الملك : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) (آل عمران : ٢٦) لأن الملك شيء عظيم لا يعطيه إلاّ من له قوة ؛ ولأنّ الملك في الملك أثبت من [الملك في] (١) المالك ؛ فإن الملك لا يخرج الملك من يده ، [٢٦٥ / أ] وأما المالك فيخرجه بالبيع والهبة.
وقال [تعالى] : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ [مَنْ يَشاءُ]) (٣) (البقرة : ٢٦٩) ، لأنّ الحكمة إذا ثبتت في المحل دامت. وقال : (آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) (الحجر : ٨٧) ، لعظم القرآن وشأنه. وقال : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (الكوثر : ١) لأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأمته يردون على الحوض ورود النازل على الماء ، ويرتحلون إلى منازل العزّ والأنهار الجارية في الجنان ، والحوض للنبي صلىاللهعليهوسلم وأمته عند عطش الأكباد قبل الوصول إلى المقام الكريم ، فقال فيه : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ) ، لأنه يترك ذلك عن قرب ، وينتقل إلى ما هو أعظم منه.
وقال : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) (طه : ٥٠) ، لأنّ من الأشياء ما له وجود في زمان واحد بلفظ الإعطاء ، وقال : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى : ٥) ، لأنه تعالى بعد ما يرضي النبيّ صلىاللهعليهوسلم يزيده وينتقل به من كلّ الرضا إلى أعظم ما كان يرجو منه ، [لا] (٤) بل حال أمته كذلك ، فقوله : (يُعْطِيكَ رَبُّكَ) فيه بشارة.
وقال : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ [عَنْ يَدٍ]) (٦) (التوبة : ٢٩) لأنها موقوفة على قبول
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (الإتيان). والصواب ما أثبتناه من المخطوطة.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) ليست في المخطوطة.