وقال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير (١) : نصّ [الأستاذ] (٢) سيبويه (٣) على أنها نصّ في العموم ، قال : فإذا قلت : ما أتاني رجل ، فإنه يحتمل ثلاثة معان (٤).
أحدها : [أن] (٥) تريد ما أتاك من رجل في قوته ونفاده ، بل أتاك الضعفاء.
الثاني : أن تريد أنه ما أتاك رجل واحد ، [بل أكثر من واحد] (٥).
والثالث : أن تريد ما أتاك رجل واحد ، ولا أكثر من ذلك.
فإن قلت : ما أتاني من رجل (٦) ، كان نفيا لذلك كلّه ، قال : هذا معنى كلامه.
والحاصل أن «من» في (٧) سياق النفي تعمّ وتستغرق.
ويلتحق بالنفي الاستفهام ، كقوله تعالى : (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (الملك : ٣).
وجوز الأخفش (٨) زيادتها في الإثبات ، كقوله : (٩) [نكفّر عنكم من سيّئاتكم (البقرة : ٢٧١) و] (٩) (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (نوح : ٤) ، والمراد الجميع ، بدليل : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (الزمر : ٥٣) ، فوجب حمل الأول على الزيادة دفعا للتعارض. وقد نوزع في ذلك ، بأنّه إنما يقع التعارض لو كانتا في حقّ قبيل واحد ، وليس كذلك ، فإن الآية التي فيها «من» لقوم نوح ، والأخرى لهذه [الأمة] (١٠).
فإن قيل : فإذا غفر للبعض كان البعض الآخر معاقبا عليه ، فلا يحصل كمال الترغيب في الإيمان ، إلا بغفران الجميع.
__________________
(١) هو أحمد بن إبراهيم تقدم التعريف به في ١ / ١٣٠
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) الكتاب ٤ / ٢٢٥ ، (باب عدّة ما يكون عليه الكلم).
(٤) تفاوت ترتيب هذه الأقسام في المخطوطة.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (ما أتاني رجلا).
(٧) العبارة في المخطوطة (في نفي سياق النفي).
(٨) انظر كتابه معاني القرآن ١ / ٩٨ ـ ٩٩. باب زيادة (من).
(٩) الآية ليست في المطبوعة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر (ونكفّر) ، وحفص وابن عامر (ويكفّر) ، والباقون (ونكفّر). بالجزم (التيسير : ٨٤).
(١٠) ساقطة من المخطوطة.