الثالث عشر : الزائدة ، ولها شرطان عند البصريين : أن تدخل على نكرة ، وأن يكون الكلام نفيا ، نحو ما كان من رجل. أو نهيا ، نحو لا تضرب من رجل ، أو استفهاما ، نحو هل جاءك من رجل؟
وأجرى بعضهم الشرط مجرى النفي ، نحو : إن قام [من] (١) رجل قام عمرو. وقال الصفّار (٢) : الصحيح المنع.
ولها في النفي معنيان :
أحدهما : أن تكون للتنصيص على العموم ، وهي الداخلة على ما لا يفيد العموم ، نحو : ما جاءني من رجل ؛ فإنه قبل دخولها يحتمل نفي الجنس ونفي الوحدة ؛ فإذا دخلت «من» تعيّن نفي الجنس (٣) ، وعليه قوله تعالى : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ) (المائدة : ٧٣) ، (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها) (الأنعام : ٥٩). (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) (الملك : ٣).
وثانيهما : لتوكيد العموم ، وهي الداخلة على الصيغة المستعملة في العموم ، نحو ما جاءني من أحد ، أو من ديّار ؛ لأنك لو أسقطت «من» لبقي العموم على حاله ؛ لأن «أحدا» (٤) لا يستعمل إلا للعموم في النفي (٤).
وما ذكرناه من تغاير المعنيين خلاف ما نص عليه سيبويه من تساويهما.
قال الصفار : وهو الصحيح عندي ؛ وأنها مؤكدة في الموضعين ، فإنها لم تدخل على : «جاءني رجل» إلا وهو يراد به «ما جاءني أحد» لأنّه قد ثبت فيها تأكيد الاستغراق (٥) [مع «أحد» ، ولم يثبت لها الاستغراق] (٥) ، فيحمل هذا عليه ، فلهذا كان مذهب سيبويه أولى.
قال : وأشار إلى أنّ المؤكدة ترجع لمعنى التبعيض ، فإذا قلت : «ما جاءني من رجل» فكأنه قال : «ما أتاني بعض هذا الجنس ولا كله» ، وكذا «ما أتاني من أحد» ، أي بعض من الأحدين. انتهى.
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) هو القاسم بن علي البطليوسي تقدم التعريف به في ٢ / ٤٥١.
(٣) في المخطوطة (الوحدة).
(٤) تكررت في المخطوطة عبارة (على الصيغة المستعملة في العموم النفي).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.