وقول الكوفيين : الألف واللام عوض من الضمير.
قال ابن مالك (١) : وعليه يحمل قوله : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (ص : ٥٠) وزعم [أبو علي و] (٢) الزمخشري (٣) أن الأبواب بدل من المستكنّ في «مفتّحة».
وهذا تكلّف ، فوجب أن تكون «الأبواب» مرتفعة بمفتحة المذكور ، أو بمثله مقدّرا.
وقد صح أن مفتحة صالح للعمل في الأبواب ، فلا حاجة إلى إبدال أيضا.
٤ ـ / ٣٩ ومنها الاسم الظاهر ، بأن يكون المقام يقتضي الإضمار فيعدل عنه إلى الظاهر ، وقد سبق الكلام عليه في أبواب التأكيد.
العاشر : الأصل في الضمير عوده إلى أقرب مذكور ، ولنا أصل آخر ، وهو أنه إذا جاء مضاف ومضاف إليه ، وذكر بعدهما ضمير عاد إلى المضاف ؛ لأنّه المحدّث عنه دون المضاف إليه ، نحو لقيت غلام زيد فأكرمته ؛ فالضمير للغلام. ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (إبراهيم : ٣٤).
وعند التعارض راعى ابن حزم والماوردي (٤) الأصل الأول ، فقالا : إن الضمير في قوله [تعالى] : (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (الأنعام : ١٤٥) ، يعود على الخنزير دون لحمه ، لقربه. وقوّاه بعض المتأخرين ، لأن الضمير للمضاف دون المضاف إليه ليس بأصل مطّرد ، فقد يعود إلى المضاف إليه ، كقوله تعالى : (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (النحل : ١١٤).
وكذا الصفة ، فإنها كما في قوله تعالى : (إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ) (يوسف : ٤٣).
وللجمهور أن يقولوا : وكذا عوده للأقرب ليس بمطّرد ، فقد يخرج عن الأصل لدليل ، وإذا تعارض الأصلان تساقطا ، ونظر في الترجيح من خارج. بل قد يقال : عوده إلى ما فيه
__________________
(١) هو محمد بن عبد الله جمال الدين أبو عبد الله تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) انظر «الكشاف» ٣ / ٣٣٢ عند تفسير الآية من سورة ص وعبارته (وفي مفتحة ضمير الجنات ، والأبواب بدل من الضمير تقديره : مفتحة هي الأبواب).
(٤) الماوردي هو علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن الشافعي تقدم التعريف به في ١ / ٢٧٤.