٣١) ؛ فالأولى : لابتداء الغاية ، والثانية : لبيان الجنس ، أو زائدة ، بدليل قوله : (وَحُلُّوا أَساوِرَ [مِنْ فِضَّةٍ]) (١) (الإنسان : ٢١). والثالثة : لبيان الجنس أو التبعيض (٢).
وقد أنكر قوم من متأخري المغاربة بيان الجنس ، وقالوا : هي في الآية الشريفة لابتداء الغاية ؛ لأن الرجس جامع للأوثان وغيرها. فإذا قيل «من الأوثان» ، فمعناه الابتداء من هذا الصنف ، لأن الرجس ليس هو ذاتها ، ف «من» [في هذه] (٣) الآية كهي في : أخذته من التابوت.
وقيل : للتبعيض ، لأن الرجس منها هو عبادتها واختاره ابن أبي الربيع (٤) ، ويؤيده قوله : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها) (الزمر : ١٧).
وأما قوله (منكم) فهي للتبعيض ، ويقدر الخطاب عاما للمؤمنين وغيرهم.
وأما قوله : (مِنْ جِبالٍ) فهو بدل من السماء ، لأن السماء مشتملة على جبال البرد ، فكأنه قال «وينزل من برد في السماء» ، وهو من قبيل ما أعيد فيه العامل مع البدل ، كقوله : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) (الأعراف : ٧٥).
وأما قوله : (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ) (الكهف : ٣١) ، ففي موضع الصفة ، فهي للتبعيض.
وكثيرا ما تقع بعد ما ومهما ، لإفراط إبهامهما ، نحو : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) (فاطر : ٢) ، (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) (البقرة : ١٠٦) ، (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) (الأعراف : ١٣٢) ، وهي ومخفوضها في موضع نصب على الحال.
وقد تقع بعد غيرهما (٥) : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) (الكهف : ٣١) الشاهد في غير الأولى ، فإن تلك للابتداء. وقيل زائدة.
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (والتبعيض).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) هو عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله تقدم التعريف به في ٢ / ٥٠٢.
(٥) في المخطوطة (غيرها).