[على] (١) أن قيام عمرو كان يقع لو وقع من زيد. وأما أنه امتنع قيام زيد ، هل يمتنع قيام عمرو أو يقع القيام من عمرو بسبب آخر؟ فمسكوت عنه لم يتعرض له اللفظ ، وقال غيره : هي لتعليق ما امتنع بامتناع غيره ..
وقال ابن مالك (٢) : هي حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه.
وهي تسمى امتناعية شرطية ، ومثاله قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) (الأعراف : ١٧٦) ، دلّت على أمرين :
أحدهما : أن مشيئة الله لرفعه منتفية ، ورفعه منتف ؛ إذ لا سبب لرفعه إلا المشيئة.
الثاني : استلزام مشيئة الرفع للرفع ؛ إذ المشيئة [٣١٠ / ب] سبب والرفع مسبّب ؛ وهذا بخلاف : «لو لم يخف الله لم يعصه» (٣) ، إذ لا يلزم من انتفاء «لم يخف» انتفاء «لم يعص» حتى يكون خاف وعصى ، لأن انتفاء العصيان له سببان : خوف العقاب والإجلال ، وهو أعلى ، والمراد أن صهيبا لو قدّر خلوه عن الخوف لم يعص للإجلال ؛ كيف والخوف (٤) حاصل!
ومن فسّرها بالامتناع اختلفوا ، فقال الأكثرون إن الجزاء ـ وهو الثاني ـ امتنع لامتناع الشرط ـ وهو الأول ـ فامتنع الثاني وهو الرفع ، لامتناع الأول ، وهو المشيئة.
قال ابن الحاجب ومن تبعه كابن جمعة الموصلي (٥) وابن خطيب زملكا (٦) : امتنع الأول لامتناع الثاني ، قالوا لأن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجزاء ، لجواز إقامة [شرط] (١) آخر مقامه ؛ وأما امتناع الجزاء فيستلزم امتناع الشرط مطلقا.
وذكروا أن لها مع شرطها وجوابها أربعة أحوال :
أحدها : أن تتجرد من النفي ، نحو : لو جئتني لأكرمتك ؛ وتدلّ حينئذ على انتفاء الأمرين ، وسموها حرف وجوب لوجوب ؛ ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء : ٨٢).
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم ص ٧١٠ فصل لو.
(٣) قطعة من الأثر «نعم العبد صهيب ...» وسيأتي تخريجه قريبا حيث يرد بتمامه.
(٤) في المخطوطة (كيف والإجلال حاصل).
(٥) هو عبد العزيز زيد بن جمعة الموصلي تقدم التعريف به في ٤ / ٢١٥ ، وله شرح لكافية ابن الحاجب.
(٦) هو عبد الواحد بن عبد الكريم تقدم التعريف به وبحفيده في ١ / ١٣٥.