الحسنة لا تساوي السيئة ، ف «لا» عنده زائدة ، ومن قال : إن [المراد أن] (١) جنس الحسنة لا يستوي إفراده ، وجنس السيئة لا يستوي إفراده ـ وهو الظاهر من سياق الآية ـ فليست زائدة ، والواو عاطفة جملة على جملة ، وقد سبق فيها مزيد كلام في بحث الزيادة.
وأما قوله تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ...) (فاطر : ١٩) الآية ، فالأولى (٢) والثانية غير زائدة ، والثالثة والرابعة والخامسة زوائد.
وقال ابن الشّجري (٣) : «قد تجيء مؤكّدة للنفي في غير موضعها الذي تستحقه ، كقوله [٣٠٩ / ب] تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) (غافر : ٥٨) ، لأنك (٤) تقول : ما يستوي زيد ولا عمرو ، (٥) [ولا تقول : ما يستوي زيد ، فتقتصر على واحد».
ومثله : (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ* وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) (فاطر : ٢٠ ـ ٢١) ، (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (الأنبياء : ٩٥).
وقال غيره : «لا» هاهنا صلة ؛ لأن المساواة لا تكون إلا بين شيئين ، فالمعنى : ولا الظلمات والنور ، حتى تقع المساواة بين شيئين ، كما قال تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) (غافر : ٥٨) ، ولو قلت : ما يستوي زيد ولا عمرو] (٥) لم يجز إلا على زيادة «لا».
الثاني : بعد «أن» المصدرية الناصبة للفعل المضارع ، كقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ) (الأعراف : ١٢).
و [قيل] (٥) : إنما زيدت توكيدا للنفي المعنوي الذي تضمنه : (مَنَعَكَ) ، بدليل الآية الأخرى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) (ص : ٧٥).
وقال ابن السّيد (٦) : إنما دخلت لما يقتضيه معنى المنع لا يحتمل حقيقة اللفظ ؛ لأنّ
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (فما الأولى ، والثالثة غير زائدة ، والثانية والرابعة والخامسة زوائد).
(٣) انظر قوله في كتابه «أمالي ابن الشجري» ٢ / ٢٣١ المجلس السابع والستون.
(٤) في المطبوعة (لأنك لا تقول) والصواب ما في المخطوطة ، كما جاء في «أمالي ابن الشجري».
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) هو عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي تقدم التعريف به في ١ / ٣٤٣.