(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (القيامة : ٣١) ، أي لم يصدق ولم يصل. ومثله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (البلد : ١١).
الخامسة : أن تكون عاطفة تشرك ما بعدها في إعراب ما قبلها ، وتعطف بعد الإيجاب ، نحو يقوم زيد لا عمرو. وبعد الأمر ، نحو اضرب زيدا لا عمرا ، وتنفي عن الثاني ما ثبت للأول ، نحو : خرج زيد لا بكر.
فإن قلت : ما قام زيد ولا بكر ، فالعطف للواو دونها ، لأنها أمّ حروف العطف.
السادسة : أن تكون زائدة ، في مواضع : الأول : بعد حرف العطف المتقدّم عليه النفي أو النهي ، فتجيء مؤكدة له كقولك : ما جاءني زيد ولا عمرو ، وقوله تعالى : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) (سبأ : ٣٧). (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) (المائدة : ١٠٣). وقوله : (وَلَا الضَّالِّينَ) (الفاتحة ٧).
قال أبو عبيدة (١) : وقيل : إنما دخلت هنا مزيلة لتوهم أن (الضَّالِّينَ) هم (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، والعرب تنعت بالواو ، وتقول : مررت بالظريف والعاقل. فدخلت لإزالة التوهم وقيل : لئلا يتوهم عطف (الضَّالِّينَ) على (الَّذِينَ).
ومثال النهي قوله تعالى : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ) (المائدة : ٢) ، ف «لا» زائدة ، وليست بعاطفة ، لأنها إنما يعطف بها في غير النهي (٢) ، وإنما دخلت هنا لنفي احتمال أن يكون المقصود نفي مجيئها جميعا ، تأكيدا للظاهر من اللفظ ، ونفيا للاحتمال الآخر ، فإنه يفيد النفي عن كلّ واحد منهما نصا ، ولو لم يأت ب «لا» ، لجاز أن يكون النفي عنهما على جهة الاجتماع ولكنه خلاف الظاهر ؛ فلذلك كان القول ببقاء الزيادة أولى ، لبقاء الكلام بإثباتها على حالة عند عدمها ، وإن كانت دلالته عند مجيئها أقوى.
وأما قوله : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) (فصلت : ٣٤) ، فمن قال : المراد أن
__________________
(١) انظر قوله في كتابه «مجاز القرآن» ١ / ٢٥ ـ ٢٦ عند سورة الفاتحة وقد ساقه الزركشي بمعناه.
(٢) في المخطوطة (النفي).