ومنه قوله تعالى : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) (النور : ٣٥) ، قيل : معناه أنها شرقية وغربية. وقيل : معناه مصونة عن الإفراط والتفريط ، وأما الداخلة على الأفعال ؛ فتارة تكون لنفي الأفعال المستقبلة ، كقوله تعالى : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) (فاطر : ١٤) ؛ لأنه جزاء ، فلا يكون إلا مستقبلا. ومثله : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ) (الحشر : ١٢).
وقد ينفى المضارع مرادا به نفي الدوام ، كقوله تعالى : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) (سبأ : ٣).
وقد يكون للحال ، كقوله [تعالى] : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (القيامة : ١). (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ) (المعارج : ٤٠) (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (الواقعة : ٧٥) ، (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) (النساء : ٦٥).
وقوله : (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ) (النساء : ٧٥). يصحّ أن تكون في موضع الحال ، أي ما لكم غير مقاتلين وقيل : ينفى بها الحاضر على التشبيه [ب «ما»] (١) ، كقولك في جواب من قال : «زيد يكتب الآن» : لا يكتب.
والنفي بها يتناول فعل المتكلم ، نحو : لا أخرج اليوم ولا أسافر غدا ، ومنه قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) (الشورى : ٢٣). وفعل المخاطب ، كقولك : إنك لا تزورنا ، ومنه قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (الأعلى : ٦) ، (فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ) (الرحمن : ٣٣).
وتدخل على الماضي في القسم والدعاء ، نحو : والله لا صلّيت ، ونحو : لا ضاق صدرك.
وفي غيرها نحو : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (القيامة : ٣١). والأكثر تكرارها ، وقد جاءت [غير] (٢) مكرّرة في قوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (البلد : ١١).
قال الزمخشريّ (٣) : «لكنّها مكررة في المعنى ؛ لأن المعنى : لا فكّ رقبة ، ولا أطعم مسكينا ، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك»؟ وقيل : إنه دعاء ، [أي] (٢) أنه يستحق أن
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) انظر قوله في «الكشاف» ٤ / ٢١٣ عند تفسير الآية من سورة البلد.