(مسألة) وتتصل «ما» ب «كلّ» نحو : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها) (البقرة : ٢٥) ، وهي مصدرية ، لكنّها نائبة بصلتها عن [٣٠٤ / ب] ظرف زمان ، كما ينوب عنه المصدر الصريح ، والمعنى : كل وقت.
وهذه تسمّى «ما» المصدرية الظرفية ، أي النائبة عن الظرف ، لا انها ظرف في نفسها ، ف «كلّ» من «كلما» منصوب على الظرفية لإضافته إلى شيء هو قائم مقام الظرف.
ثم ذكر الفقهاء والأصوليون أن «كلما» للتكرار (١). قال الشيخ أبو حيان (٢) : «وإنما ذلك من عموم «ما» ، لأنّ الظرفية مراد بها العموم ، فإذا قلت : أصحبك ما ذرّ لله شارق ، فإنما تريد العموم ، ف «كلّ» أكدت العموم الذي أفادته «ما» الظرفية ؛ لا أن لفظ «كلما» وضع للتكرار كما يدلّ عليه كلامهم ، وإنما جاءت «كل» توكيدا للعموم المستفاد من «ما» الظرفية». انتهى.
وقوله : إن التكرار من عموم «ما» ممنوع ؛ فإن «ما» المصدرية لا عموم لها ، ولا يلزم من نيابتها عن الظرف دلالتها على العموم ؛ وإن استفيد عموم في مثل هذا الكلام فليس من «ما» إنما هو من التركيب نفسه.
وذكر بعض الأصوليين أنها إذا وصلت ب «ما» صارت أداة (٣) لتكرار الأفعال وعمومها قصديّ وفي الأسماء ضمني (٣). قال تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) (النساء : ٥٦) ، وإذا جرّدت من لفظ «ما» ، انعكس الحكم وصارت عامة في الأسماء قصدا ، وفي الأفعال ضمنا.
ويظهر الفرق بينهما في قوله : كل امرأة أتزوّجها فهي [طالق] (٤) : تطلق كلّ امرأة يتزوجها ، وتكون عامة في جميع النساء لدخولها على الاسم وهو قصديّ. ولو تزوج امرأة ثم تزوّجها مرة أخرى لم تطلق في الثانية لعدم عمومها قصدا في الأسماء. ولو قال : كلما تزوجت امرأة فهي طالق ؛ فتزوج امرأة مرارا طلقت في كل مرة لاقتضائها عموم الأفعال قصدا ، وهو التزوج.
__________________
(١) في المخطوطة (لذلك).
(٢) انظر كتابه النهر الماد المطبوع بهامش البحر المحيط ١ / ٨٩ عند تفسير آية (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) (البقرة : ٢٠). وقال في البحر ١ / ٨٨ : «وأحكام «كل» كثيرة وقد ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير الذي سميناه بالتذكرة وسردنا منها جملة لينتفع بها ...».
(٣) العبارة في المخطوطة (التكرار والأفعال فتعم الأفعال وهو بها قصديّ وهو في الأسماء ضمنيّ).
(٤) ساقطة من المخطوطة.