مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (النساء : ٩٥) (١) [أي لكنّ أولي الضرر] (١) ، لا (٢) حرج عليهم في قعودهم ؛ وإنما كان منقطعا ؛ لأن القاعد عن ضرر ـ وإن كانت له نية الجهاد ـ ليس مستويا في الأجر مع المجاهد ، لأن الأجر على حسب العمل ، والمجاهد يعمل ببدنه (٣) وقلبه ، والقاعد بقلبه.
وقوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ) (يونس : ٩٨) ، (٤) [إذ لو كان متصلا لكان المعنى : فهل آمنت قرية إلا قوم يونس] (٤) فلا يؤمنون! فيكون طلب الإيمان من خلاف قوم يونس ، وذلك باطل ، لأن الله تعالى يطلب من كلّ شخص الإيمان ، فدلّ على أن المعنى : لكن قوم [يونس] (٤).
وقال الزجاج (٥) : يمكن اتصاله ، لأن قوله : (فَلَوْ لا) في المعنى نفي ، فإن الخطاب لما يقع منه الإيمان ، وذلك إذا كان الكلام نفيا ، كان (٦) ما بعد «إلاّ» يوجب (٦) إنكاره. قال : ما من قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس. وقد رد عليه الآمدي (٧) بأن جعل «إلا» منقطعة عما قبلها لغة فصيحة ، وإن كان جعلها متصلة أكثر ، وحمل الكلام على المعنى ليس بقياس.
ومنه قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ) (هود : ٤٣) ، فإن «من رحم» بمعنى المرحوم ليس من جنس العاصمين ؛ وإنما هو معصوم ، فدلّ على أنها بمعنى «لكن». (فإن قيل) : يمكن اتصاله على أن (مَنْ رَحِمَ) بمعنى «الراحم» أي الذي يرحم ، فيكون الثاني من جنس الأول. (قيل) : حمل هذه القراءة على القراءة الأخرى ، أعني قراءة (٨) رحم بضم الراء ، حتى يتفق معنى القراءتين.
__________________
(١) العبارة ليست في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (ولا).
(٣) في المخطوطة (عمال بيده).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٥) انظر إعراب القرآن ٣ / ٣٣ ـ ٣٥.
(٦) العبارة في المخطوطة (كان بعد لا بوجوب).
(٧) هو علي بن أبي علي بن محمد الآمدي تقدم التعريف به في ٤ / ١١٦.
(٨) انظر البحر المحيط ٥ / ٢٢٧.