يَسْتَبْشِرُونَ* وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) (الروم : ٤٨ ـ ٤٩).
وأما قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) (الزمر : ٨) ، بلفظ «إذا» مع «الضر» فقال السكاكي (١) : نظر في ذلك إلى لفظ المسّ ، وتنكير «الضرّ» المفيد للتعليل ليستقيم التوبيخ ، وإلى الناس المستحقين أن يلحقهم كل ضرر ، وللتنبيه على أن مسّ قدر يسير من الضرّ لأمثال (٢) هؤلاء ، حقّه (٣) أن يكون في حكم المقطوع به.
وأما قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) (فصلت : ٥١) ، بعد قوله : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) (فصلت : ٥١) ، أي أعرض عن الشكر ، وذهب بنفسه وتكبّر. والذي تقتضيه البلاغة أن يكون الضمير للمعرض المتكبّر لا لمطلق الإنسان ، ويكون لفظ «إذا» للتنبيه على أنّ مثل هذا المعرض المتكبّر يكون ابتلاؤه بالشرّ مقطوعا.
[الموضع] (٤) الثاني : من الأحكام المخالفة أنّ المشروط (٥) ب «إن» إذا كان عدما لم يمتنع الجزاء في الحال ؛ حتى يتحقق اليأس من وجوده ، ولو كان [٢٨٥ / ب] العدم (٦) مشروطا ب «إذا» وقع الجزاء في الحال ؛ مثل : إن لم أطلقك فأنت طالق ، لم (٧) تطلق إلا في آخر العمر. وإذا [قال : إذا] (٨) لم أطلقك فأنت طالق ، تطلق في الحال ؛ لأن معناه : أنت طالق في زمان عدم تطليقي لك ، فأيّ زمان تخلّف عن التطليق يقع فيه الطلاق. وقوله : «إن لم أطلقك» تعليق للطلاق على امتناع الطلاق (٩) ، ولا يتحقق ذلك إلا بموته غير مطلّق.
الثالث : أنّ «إن» تجزم الفعل المضارع إذا دخلت عليه ، و «إذا» لا تجزمه ؛ لأنها لا تتمحض (١٠) شرطا ، بل فيها معنى التزام الجزاء في وقت الشرط ، من غير وجوب أن يكون
__________________
(١) هو محمد بن يوسف السكاكي تقدم ذكره في ١ / ١٦٣ ، وانظر قوله في المفتاح : ٢٤٣ تقييد الفعل.
(٢) في المخطوطة (لأمثالها).
(٣) في المخطوطة (ولاحقه) بدل (هؤلاء حقه).
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (الشرط).
(٦) في المخطوطة (المعدوم).
(٧) في المخطوطة (لا).
(٨) ساقطة من المخطوطة.
(٩) في المخطوطة (التطليق).
(١٠) في المخطوطة (محضة).