قال النحاس (١) : ولكن قد عورض سيبويه بأن الفاء قد تدخل عليها ، فكيف تكون عوضا منها؟ والجواب أنها إنما تدخل توكيدا ، وأما قوله [تعالى] (٢) : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ) (الجاثية : ٢٥) ، فيحتمل أنها متمحضة الظرفية لعدم الفاء في جوابها مع «ما» ، ويحتمل أن يكون «ما» جواب قسم مقدر ، لا جواب الشرط ، فلذلك لم يجيء بالفاء.
(الثالثة): جوّز ابن مالك (٣) أن تجيء لا ظرفا ولا شرطا ، وهي الداخلة عليها (٤) [«حتّى» الجارة ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها) (الزمر : ٧١). أو الواقعة مفعولا] (٤) ، كقوله عليهالسلام : «إني لأعلم إذا كنت عليّ راضية» (٥). وكما جاز تجردها عن الشرط جاز تجردها عن الظرف.
وتحصّل أنها تارة ظرف لما يستقبل وفيها معنى الشرط ، نحو : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (الطلاق : ١) ، وتارة ظرف مستقبل غير شرط ، نحو : ([وَيَقُولُ الْإِنْسانُ] (٦) أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ [حَيًّا] (٦)) (مريم : ٦٦) ، وتارة ظرف غير مستقبل ، نحو : (إِذا ما أَتَوْكَ [لِتَحْمِلَهُمْ]) (٦) (التوبة : ٩٢) وتارة لا ظرف ولا شرط ، وتارة لا تكون اسم زمان ، وهي المفاجأة.
(الرابعة): أصل «إذا» الظرفية لما يستقبل من الزمان ؛ كما أنّ «إذ» (٧) لما مضى منه ، ثم (٧) يتوسع [٢٨٤ / ب] فيها ، فتستعمل في الفعل المستمرّ في الأحوال كلها : الحاضرة والماضية والمستقبلة. فهي (٨) في ذلك شقيقة الفعل المستقبل الذي هو يفعل حيث يفعل به نحو ذلك. قالوا : إذا استعطي فلان أعطى ، وإذا استنصر نصر ، كما قالوا : فلان يعطي
__________________
(١) في المخطوطة (ابن النحاس) ، وهو أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس تقدم في ١ / ٣٥٦.
(٢) ليس في المخطوطة.
(٣) ذكره ابن هشام في مغني اللبيب ١ / ٩٤ بتصرف.
(٤) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٥) تقدم تخريج الحديث ص ١٧٣.
(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٧) تصحفت عبارة المخطوطة إلى (لماضي منهم).
(٨) في المخطوطة (بني).