وقد أشكل على هذه القاعدة قوله تعالى : (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) (النساء : ٧٧) ، وقوله : (أَزْكى طَعاماً) (الكهف : ١٩) ، فقد أضيف إلى [غير] (١) جنسه ، وانتصب. وقد تأوّل العلماء هذا [٢٧٩ / ب] حتى رجعوا به إلى جعل «أشد» لغير الخشية ، فقال الزمخشري (٢) معنى : (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) (النساء : ٧٧) ، «أي مثل أهل خشية الله ، أو مثل قوم أشد خشية من أهل خشية الله». قال ابن الحاجب (٣) : وعلى مثل هذا يحمل ما خالف هذه القاعدة.
ـ (الثالثة) : الأصل فيه الأفضلية على ما أضيف إليه ؛ وأشكل على ذلك قوله تعالى : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) (الزخرف : ٤٨) ، لأن معناه : ما من آية من التسع إلا وهي أكبر من كلّ واحدة منها [فيكون كل واحد منها] (٤) ، فاضلة ومفضولة ، في حالة واحدة.
وأجاب الزمخشريّ بأن (٥) «الغرض وصفهنّ بالكبر من غير تفاوت فيه ، وكذلك العادة في الأشياء التي تتفاوت في الفضل التفاوت اليسير ، أن تختلف الناس في تفضيلها ، وربما اختلف آراء الواحد فيها ، كقول الحماسيّ (٦) :
من تلق منهم تقل لاقيت سيّدهم |
|
مثل النّجوم الّتي يهدى (٧) بها السّاري» |
وأجاب ابن الحاجب ، بأن المراد الأعلى أكبر من أختها عندهم ، وقت حصولها ، لأن لمشاهدة الآية في النفس أثرا عظيما ليس للغائب عنها.
ـ (الرابعة) : قالوا : لا ينبني من العاهات : فلا يقال : ما أعور هذه الفرس! وأما قوله [تعالى] (٨) : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) (الإسراء : ٧٢) ، ففيه وجهان :
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر قوله في «الكشاف» ١ / ٢٨٢ عند تفسير الآية من سورة النساء.
(٣) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر تقدم التعريف به في ١ / ٤٦٦.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) انظر قوله في «الكشاف» ٣ / ٤٢١ ـ ٤٢٢ عند تفسير الآية من سورة الزخرف ، وذكر الزمخشري البيت.
(٦) عزاه المرزوقي في «شواهد الكشاف» ص ٥٧ لعبيد الأبرص ، وقيل للعرندس ، ولم نجده في ديوان عبيد الأبرص ، والبيت في «ديوان الحماسة بشرح التبريزي» ٢ / ٢٧٠.
(٧) في المخطوطة والمطبوعة (يهدى) وفي الديوان (يسري).
(٨) ليست في المخطوطة.