ـ (والثاني) : أنها زائدة ، والكلام على النفي المحض ، ونقله عن أكثر المفسرين ، أي لم يرها أصلا ، لأن (١) هذه الظلمات تحول بين العين وبين النظر إلى البدن وسائر المناظر.
ـ (والثالث أنها بمعنى «أراد» من قوله [تعالى] (٢) : (كِدْنا لِيُوسُفَ) (يوسف : ٧٦) ، أي لم يرد أن يراها (٣).
وذكر غيره أنّ التقدير : إذا أخرج يده [ممتحنا] (٤) لبصره لم يكد يخرجها (٥) ، و «يراها» صفة للظلمات ، تقديره : ظلمات بعضها فوق بعض يراها. وأما قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها [لِتُجْزى]) (٤) (طه : ١٥) ، فيحتمل أنّ المعنى : أريد أخفيها ، لكي تجزى كلّ نفس [بسعيها] (٤). ويجوز أن تكون زائدة ، أي أخفيها لتجزى.
(وقيل) : تمّ الكلام عند قوله : (آتِيَةٌ أَكادُ) ، والمعنى : أكاد آتي بها ، ثم ابتدأ بقوله : ([أُخْفِيها]) (٤) لِتُجْزى. وقرأ سعيد بن جبير : (أَكادُ أُخْفِيها) (٩) بفتح الألف ، أي أظهرها ، يقال : أخفيت الشيء إذا سترته وإذا أظهرته وقراءة الضم تحتمل الأمرين ، وقراءة الفتح لا تحتمل غير الإظهار ؛ ومعنى سترتها لأجل الجزاء ، لأنه إذا أخفى وقتها قويت الدواعي على التأهب لها خوف المجيء بغتة.
وأما قوله تعالى : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) (النور : ٣٥) ، فلم يثبت للزيت الضوء ، وإنما أثبت له المقاربة من الضوء قبل أن تمسّه النار ، ثم أثبت النور بقوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ) (النور : ٣٥) ، فيؤخذ منه أن النور دون الضوء [٢٧٤ / أ] لا نفسه.
(فإن قلت) : ظاهره أن المراد : يكاد يضيء ؛ مسّته النار أو لم تمسّه ، فيعطي ذلك
__________________
(١) في المطبوعة زيادة (الله تعالى قال (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) (النور : ٤٠) كان مقتضى) وعبارة المخطوطة دون هذه الزيادة أوجه.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة زيادة (لأن الظلم ...) ثم ثلاث كلمات غير واضحة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة زيادة (عن ناظر إليها).
(٩) قال أبو حيان في «البحر المحيط» ٦ / ٢٣٢ عند تفسير الآية من سورة طه (وقرأ أبو الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحميد (أُخْفِيها) بفتح الهمزة ، ورويت عن ابن كثير وعاصم بمعنى أظهرها ... ، وقرأ الجمهور (أُخْفِيها) بضم الهمزة).