قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح الأصول الخمسة

120/567
*

الأحوال ، فإنها عندنا غير معلومة بانفرادها ، وإنما الذات عليها تعلم ، ففارق أحدهما الأخر. والذي يدل على أن الأحوال لا تعلم ، أنها لو علمت لتميزت عن غيرها بأحوال أخر ، والكلام في الأحوال تلك ، كالكلام فيها ، يتسلسل إلى ما لا يتناهى من الأحوال ، وذلك محال. على أنكم إن عنيتم بالمعاني ما نريده بالحال فمرحبا بالوفاق.

فإن قالوا : إن هذه المعاني صفات والصفة لا توصف ، إذ لو جاز أن توصف الصفة أدى إلى ما لا يتناهى من الصفات وصفات الصفات.

قلنا : ليس يجب إذا جوزنا أن توصف الصفة ، أن يوجد ما لا يتناهى من الصفات وصفات الصفات ، إذ ليس يلزم على الجواز ما يلزم على الوجوب. وصار الحال فيه كالحال في الحيز إذا قلنا إنه يجوز الإخبار عنه ، فكما لا يلزمنا ما ذكرتموه فيه ، كذلك هاهنا. وهذا لأن الجواز مخالف للوجوب ، فلا يجوز إجراء أحدهما مجرى الآخر.

فإن قيل : أبطلوا هذه الأقسام ليتم لكم ما ذكرتموه.

الدليل على أنه لا يكون عالما بعلم معدوم

قلنا : أما الذي يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يكون عالما بعلم معدوم ، فهو أنه لو جاز أن يكون كذلك لجاز مثله في الواحد منا ، ومعلوم خلافه.

وهذه طريقة مستقيمة يمكن تمشيتها ، ولا يمكن الاعتراض عليها بأن يقال : أليس الله تعالى مريدا بإرادة محدثة موجودة لا في محل ، ولا يجوز ذلك في الواحد منا ، فهلا جاز مثله في مسألتنا. لأن الفرق بينهما ظاهر ، وقد بين ذلك في غير هذا الموضع.

والطريقة المرضية المعروفة في هذا ، هو أن نقول : إن في العدم جهلا كما أن فيه علما ، فلو جاز أن يكون الله تعالى عالما بعلم معدوم ، لجاز أن يكون جاهلا بجهل معدوم ، وذلك يؤدي إلى أن يكون عالما بالشيء جاهلا به دفعة واحدة ، وهذا محال.

ويمكن أن نسلك هذه الطريقة في كونه مريدا وكارها ، فنقول : إن في العدم كراهة كما أن فيه إرادة ، فلو جاز أن يكون الله تعالى مريدا بإرادة معدومة ، لجاز أن يكون كارها بكراهة معدومة ، وهذا يقتضي أن يكون مريدا للشيء كارها له دفعة واحدة ، وهذا محال.