١٥ و ١٦ ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ...) هذا خطاب منه سبحانه لسائر المكلّفين ينبّههم فيه إلى توحيده لأنه الخالق القادر ، وهو يعني أنكم أفلا تنظرون إلى السماوات السّبع التي خلقها الله تعالى طباقا : أي واحدة فوق الأخرى كالقباب ، ولفظة (طِباقاً) منصوبة على أنه نعت للفظة (سَبْعَ) أي سبع سماوات ذات طباق ، أو هو منصوب على أن يكون التقدير أخلقهنّ طباقا (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) أي جعله نورا في السماوات والأرض : وجه منه يضيء للأرض ، والوجه الآخر يضيء للسماوات.
وقيل إن معنى (فِيهِنَ) هو معهنّ ، أي جعل القمر منيرا معهنّ ، وقيل بل جعله نورا في حيّزهنّ وإن لم يضيء إلّا واحدة منهنّ (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) أي مصباحا ينير الأرض ويضيء لأهلها جميعا كما يضيء المصباح للإنسان.
١٧ ـ و ١٨ ـ (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ...) لفظة (نَباتاً) مصدر لفعل محذوف : والتقدير : أنبتكم فنبتّم نباتا ، وقال الزجاج : إنه محمول على المعنى لأن معنى (أَنْبَتَكُمْ) جعلكم تنبتون نباتا. وهذا يعني مبتدأ خلق آدم الذي خلق من الأرض ، والناس من ولده ، وهو سبحانه ينشئ جميع الناس بالتغذي على ما تنبته الأرض من حبوب وفواكه وغير ذلك فكل غذاء مرجعه إلى الأرض (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) حين الموت يرجعكم إلى الأرض فتدفنون فيها وتنحلّ فيها أجسادكم (وَيُخْرِجُكُمْ) منها عند البعث والنشور إخراجا يتمّ بأمره سبحانه وقد ذكر هذا المصدر لتأكيد ذلك الإخراج.
١٩ ـ ٢٠ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً ...) أي جعلها سبحانه مبسوطة ليسهل عليكم السير والعمل فيها والاستقرار عليها ، وقد فسّر ذلك بقوله تعالى : (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) أي لتقطعوا طرقا