المؤمنون به على السرّاء والضراء وشكروه على النعمة والرّخاء ، فكان الموت آية منه تعالى للاعتبار ، وكانت الحياة للتزوّد وعمل الصالحات ، وكان ذلك منه (لِيَبْلُوَكُمْ) ليختبركم أيها الناس (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أيّ أيّكم أكثر امتثالا لأوامر الله تعالى واجتنابا لنواهيه ، ومن يكون منكم أورع عن محارم الله وأطوع وأسرع في طاعته (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) المنيع الذي ينتقم ممّن عصاه ولا يستعطى عليه شيء في حين أنه يتجاوز عن ذنوب التائبين ويغفر لهم سيئاتهم ويعفو عنهم إذا تابوا وأنابوا ، وهو (الَّذِي خَلَقَ) أي أنشأ من العدم (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) جعلهنّ واحدة فوق الأخرى متشابهات في اتفاق الخلق لأحكام الصّنع (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) أي ليس فيه اختلاف من ناحية الحكمة وإن كانت المخلوقات مختلفة من حيث هيئاتها وصورها. وفي المجتمع أن في هذا دلالة على أن الكفر والمعاصي لا يكون من خلق الله لكثرة التفاوت في ذلك (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) أي أدره أيها الإنسان في الخلق واستقص إيجاد السماوات (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) هل تنظر فيها من شقوق أو خلل (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) أي كرّر النظر ليبين لك الشيء أكثر فأكثر (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) يرجع إليك نظرك فاشلا لم ينل ما كان يتمنّاه من رؤية الخلل ، بل يعود حسيرا : كالّا قد عجز عن رؤية وهن وعاد في إعياء خائبا عن أن يرى ما يخالف الإتقان وكامل الحكمة.
* * *
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا