وفي الموثّقة ، فإنّ الحكم فيها بوجوب أغسال كثيرة غير واجبة إجماعاً ـ كالحكم بوجوب غسل الجمعة ـ قرينة على أنّ المراد بالوجوب فيها معناه المجازي ، سيما مع ضمّ قوله : « ويستحب أن لا يدخله إلّا بغسل » بعد قوله : « واجب » ولا أقلّ من صلاحية ذلك لاتّكال المتكلّم عليه في إرادة المجاز ، ومعه لا تجري أصالة الحقيقة ، كما بيّنّاه في الاُصول .
وبذلك يحصل الوهن في إرادة الحقيقة في غيرها مما يتضمّن لفظ الوجوب أيضاً ، سيما مع حمل الإِمام وجوبه في الرواية السابقة بلا قرينة على مطلق الرجحان ، ومع ما في الرضوي المتقدّم من قوله : « ومنها سنّة مسنونة إلّا أنّ بعضها ألزم [ من بعض ] وأوجب من بعض » (١) . ومع ملاحظة خبر ابن الوليد ، ومرسلة الفقيه :
الأول : عن غسل الأضحى ، قال : « واجب [ إلّا ] بمنى » (٢) .
والثانية : « من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل » (٣) .
بل بملاحظة تلك الأخبار المؤيّدة بأصالة تأخّر الحادث يتقوّى ما ذكره جماعة من عدم ثبوت الحقيقة الشرعية للوجوب وإن أراهم لا يلتفتون إليه في مواضع اُخر .
وكما في بعض الروايات المتضمّنة للفظة « على » فإنّ فيه بعد السؤال عن المرأة أعليها غسل يوم الجمعة والفطر والأضحى ويوم عرفة ؟ قال : « نعم عليها الغسل كلّه » (٤) ولا بدّ من حمله على مطلق الرجحان ؛ لئلّا يلزم استعمال اللفظ في معنييه .
وفي بعض روايات الاستغفار ، كموثّقة ابن اليسع ، وإنّ فيها بعد السؤال
__________________
(١) راجع ص ٣٢٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر .
(٢) الفقيه ١ : ٣٢١ / ١٤٦٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ٤ ، وما بين المعقوفين من المصدر .
(٣) الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٩ ح ٣ .
(٤) الفقيه ١ : ٣٢١ / ١٤٦٧ ، الوسائل ٣ : ٣٠٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣ ح ١ .