نزول القرآن أقل فصاحة وبلاغة منهم قبل نزوله ، ولأمكننا نحن الآن وأمكن المشتغلين بالأدب العربى فى كل عصر أن يتبينوا الكذب فى دعوى إعجاز القرآن. وكل هذه اللوازم باطلة؟ فبطل ما استلزمها وهو القول بالصرفة بناء على هذه الشبهة الهازلة.
ثم ألم يكف هؤلاء شهادة أعداء القرآن أنفسهم فى أوقات تخليهم من عنادهم ، كتلك الشهادة التى خرجت من فم الوليد «والفضل ما شهدت به الأعداء»؟.
ثم ألم يكفهم ما فى القرآن من وجوه الإعجاز الكثيرة التى دللنا عليها فيما سبق؟
والتى لا تزال قائمة ماثلة ناطقة إلى يومنا هذا ولا تزيدها الأيام وما يجد فى العالم من علوم ومعارف وتجارب إلا وضوحا وبيانا؟!.
إنى لأعجب من القول بالصرفة فى ذاته ، ثم ليشتد عجبى وأسفى حين ينسب إلى ثلاثة من علماء المسلمين الذين نرجوهم الدفاع عن القرآن ، ونربأ بأمثالهم أن يثيروا هذه الشبهات فى إعجاز القرآن!.
على أننى أشك كثيرا فى نسبة هذه الآراء السقيمة إلى أعلام من العلماء ويبدو لى أن الطعن فى نسبتها إليهم ، والقول بأنها مدسوسة من أعداء الإسلام عليهم ؛ أقرب إلى العقول ، وأقوى فى الدليل ، لأن ظهور وجوه الإعجاز فى القرآن من ناحية ، وعلم هؤلاء من ناحية أخرى ، قرينتان مانعتان من صحة عزو هذا الرأى الآثم إليهم.
ولقد عودنا أعداء الإسلام أن يفتروا على رسول الله وعلى أصحابه وعلى الأئمة والعلماء ، فلم لا يكون هذا منه؟
على أن الحق لا يعرف بالرجال ، إنما يعرف الحق بسلامة الاستدلال. وها قد طاش هذا الرأى فى الميزان ، فلنرده على قائله أيا كان.
«وليس كلّ خلاف جاء معتبرا |
|
إلا خلاف له حظّ من النظر» |