محرقة ، ومدمرات فى البر والبحر وفى الهواء والماء؟. وما أشبه هذه العلوم للإنسان بعد تجرده من هدى الله ووحى السماء ، بالأنياب والمخالب للوحوش الضارية والسباع الواغلة فى أديم الغبراء!!.
(ثانيها) أن القرآن دعا إلى هذه العلوم فى جملة ما دعا إليه من البحث والنظر ، والانتفاع بما فى الكون من نعم وعبر. قال سبحانه : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). وقال جل شأنه : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، (ثالثها) أن القرآن حين عرض لهذه الكونيات أشعرنا أنها مربوبة له تعالى ومقهورة لمراده ، ونفى عنها ما علق بأذهان كثير من الضالين الذين توهموها آلهة وهى مألوهة ، وزعموها ذات تأثير وسلطان بينما هى خاضعة لقدرة الله وسلطانه ، (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ، وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ). وكذلك أشعرنا القرآن أنها هالكة (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ).
(رابعها) أن القرآن حين يعرض لآية كونية فى معرض من معارض الهداية ، يتحدث عنها حديث المحيط بعلوم الكون ، الخبير بأسرار السموات والأرض ؛ الذى لا تخفى عليه خافية فى البر والبحر ، ولا فى النجوم والكواكب ، ولا فى السحاب والماء ، ولا فى الإنسان والحيوان والنبات والجماد. وذلك هو الذى بهر بعض المشتغلين بالعلوم الكونية ؛ وأوقع من أوقع منهم فى الإسراف واعتبار هذه العلوم من علوم القرآن.
(خامسها) أن الأسلوب الذى اختاره القرآن فى التعبير عن آيات الله الكونية ، أسلوب بارع جمع بين البيان والإجمال فى سمط واحد ، بحيث يمر النظم القرآنى الكريم