فيها ولا محاباة ، مقسطة لا شفاعة هناك بالمعنى الفاسد ولا فداء ، عامة لا فضل لجنس ولا لطائفة ولا لشخص إلا بالتقوى. اقرأ إن شئت قوله سبحانه : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً* ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) وقوله. (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً؟ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى * ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى؟!) وقوله : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً. وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها. وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) وقوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) وقوله : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ).
٢ ـ وضل اليهود فزعموا أنهم الشعب المختار من بين شعوب الأرض ، وأنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس ، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة هى مدة عبادتهم العجل أربعين يوما.
٣ ـ وضل النصارى فزعموا أيضا أنهم أبناء الله وأحباؤه وذهبوا مذهب الهنود فى كرشنة أنه قتل وصلب ليخلص الإنسان ويفديه من الخطيئة ، فهو المخلص الفادى الذى يخلص الناس من عقوبة الخطايا ويفديهم بنفسه ، وهو الأقنوم الثانى من الثالوث الإلهى الذى هو عين الأول والثالث وكل منهما عين الآخر. كذلك قال الهنود فى كرشنة ، ثم جاء مخرفة النصارى فتابعوهم على هذا الخيال الفاسد ، الذى تأباه العقول والطباع ، ولا يتفق وعدل الله وحكمته فى الجزاء والمسئولية. ولم يستطع الخابطون فى هذا الضلال أن يروجوه فى ضحاياهم إلا بترويجهم عليه من عهد الصغر ، وتنشئتهم على سماعه واعتقاده من غير بحث ولا نظر ، بل قالوا : «اعتقد وأنت أعمى» ٤ ـ وضل نساك النصارى فتابعوا الهنود أيضا ، فى احتقار اللذات المادية ، وفى