الراسخين فى العلم : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) شاهدا على أن (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) مقابل لقوله : (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ). وفيه إشارة إلى أن الوقف تام على قوله «إلا الله» وإلى أن علم بعض المتشابه مختص بالله تعالى ، وأن من حاول معرفته فهو الذى أشار إليه فى الحديث بقوله : (فاحذرهم) اه.
وهو كلام نفيس كما تراه : والحديث الذى نوه به أخرجه الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت : تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) إلى قوله : (أُولُوا الْأَلْبابِ) قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم).
(٧) ومنها أن المحكم ما كانت دلالته راجحة ، وهو النص والظاهر ، أما المتشابه فما كانت دلالته غير راجحة ، وهو المجمل والمؤول والمشكل. ويعزى هذا الرأى إلى الإمام الرازى واختاره كثير من المحققين. وقد بسطه الإمام فقال ما خلاصته :
«اللفظ الذى جعل موضوعا لمعنى ، إما ألا يكون محتملا لغيره ، أو يكون محتملا لغيره. الأول النص ، والثانى إما أن يكون احتماله لأحد المعانى راجحا ولغيره مرجوحا ، وإما أن يكون احتماله لهما بالسوية. واللفظ بالنسبة للمعنى الراجح يسمى ظاهرا ، وبالنسبة للمعنى المرجوح يسمى مؤولا ، وبالنسبة للمعنيين المتساويين أو المعانى المتساوية يسمى مشتركا ، وبالنسبة لأحدهما على التعيين يسمى مجملا. وقد يسمى اللفظ مشكلا إذا كان معناه الراجح باطلا ، ومعناه المرجوح حقا.
إذا عرفت هذا فالمحكم ما كانت دلالته راجحة ، وهو النص والظاهر ؛ لاشتراكهما فى حصول الترجيح ، إلا أن النص راجح مانع من الغير ، والظاهر راجح غير مانع منه.