وقطع وشائج اتصاله بأصله مطلقا. ولو جرد لتفكك الكلام وصار لغوا أو أشبه باللغو ، فلا يؤدى معنى سليما ، فضلا عن أن يحل فى جملته وتفصيله محل أصله.
(الفارق الثانى) أن الترجمة لا يجوز فيها الاستطراد ، أما التفسير فيجوز بل قد يجب فيه الاستطراد. وذلك لأن الترجمة مفروض فيها أنها صورة مطابقة لأصلها حاكية له ، فمن الأمانة أن تساويه بدقة من غير زيادة ولا نقص ، حتى لو كان فى الأصل خطأ لوجب أن يكون الخطأ عينه فى الترجمة ، بخلاف التفسير فإن المفروض فيه أنه بيان لأصله وتوضيح له. وقد يقتضى هذا البيان والإيضاح أن يذهب المفسر مذاهب شتى فى الاستطراد ، توجيها لشرحه ، أو تنويرا لمن يفسر لهم على مقدار حاجتهم إلى استطراده.
ويظهر ذلك فى شرح الألفاظ اللغوية خصوصا إذا أريد بها غير ما وضعت له ، وفى الواضع التى يتوقف فهمها أو الاقتناع بها على ذكر مصطلحات أو سوق أدلة أو بيان حكمة.
وهذا هو السر فى أن أكثر تفاسير القرآن الكريم تشتمل على استطرادات متنوعة ، فى علوم اللغة ، وفى العقائد ، وفى الفقه وأصوله ، وفى أسباب النزول ، وفى الناسخ والمنسوخ ، وفى العلوم الكونية والاجتماعية ، وغير ذلك.
ومن ألوان هذا الاستطراد ، تنبيهه على خطأ الأصل إذا أخطأ ، كما نلاحظ ذلك فى شروح الكتب العلمية. ويستحيل أن تجد مثل هذا فى الترجمة ، وإلا كان خروجا عن واجب الأمانة والدقة فيها.
(الفارق الثالث) أن الترجمة تتضمن عرفا دعوى الوفاء بجميع معانى الأصل ومقاصده ، ولا كذلك التفسير ، فإنه قائم على الإيضاح كما قلنا ، سواء أكان هذا الإيضاح بطريق إجمالى أو تفصيلى ، متناولا كافة المعانى والمقاصد أو مقتصرا على بعضها دون بعض ، طوعا للظروف التى يخضع لها المفسر ومن يفسر لهم