أبي عبد الرحمان السّلمي عن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، قال : دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر ، فحضرت صلاة المغرب ، فتقدّم رجل فقرأ : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) فالتبس عليه. فنزلت : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ).
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد. قال : وفي هذا الحديث فائدة كثيرة ، وهي : أنّ الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام دون غيره ، وقد برّأه الله منها ، فإنّه عليهالسلام راوي الحديث! ووافقه الذهبي على تصحيح الحديث (١).
هذا وقد أخرج ابن جرير وغيره : أنّ الّذي صلّى بهم فخلط هو عبد الرحمان بن عوف (٢) والروايات في ذلك متضاربة جدّا ، الأمر الّذي يبدو عليها أثر الوضع والاختلاق بوضوح.
على أنّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام كما لم يعبد صنما ، كذلك لم يقترب الكبائر والآثام ، حيث طهّره الله من كلّ رجس :
قال تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٣) أجمعت الروايات عن كبار الصحابة وكذا عن أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمّ سلمة وعائشة وزينب ، أنّها نزلت في الخمسة آل العباء (٤).
ولا شكّ أنّ الخمر رجس بنصّ قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ)(٥). كما لا سلطان لإبليس في الاستحواذ على عباد الله المخلصين ، وأخلصهم هم أصحاب الكساء.
[٢ / ٦٢٩٦] قال عليّ عليهالسلام : «لو وقعت قطرة في بئر فبنيت مكانها منارة لم أؤذّن عليها ، ولو وقعت في بحر ثمّ جفّ ونبت فيه الكلأ لم أرعه» (٦).
قال أبو جعفر رشيد الدين ابن شهر آشوب : من خصائص عليّ عليهالسلام أنّه لم يشرب الخمر قطّ ، كما لم يعبد وثنا ولا أكل ممّا ذبح على النصب وغير ذلك من الفسوق ، وقد كانت قريش بأسرها ملوّثة بها. نعم كان عليهالسلام ممّن شمله دعاء إبراهيم الخليل عليهالسلام ، حيث قوله : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ
__________________
(١) الحاكم ٢ : ٣٠٧ ، كتاب التفسير.
(٢) الطبري ٤ : ١٣٣ / ٧٥٥٤ ؛ الدرّ ٢ : ٥٤٥.
(٣) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٤) راجع : الطبري ١٢ : ٩ ـ ١٢.
(٥) المائدة ٥ : ٩٠.
(٦) الكشّاف ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١.