قوله تعالى : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
إنّها مرتبة أرقى من مراتب الإيثار في سبيل الله. هي مرتبة الفضل ـ فوق الواجب ـ والإحسان هو القصد في البذل ، دون السرف والإقتار.
[٢ / ٥٣١٨] قال الإمام الصادق عليهالسلام : («وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين» (١).
[٢ / ٥٣١٩] وروى الكليني بالإسناد إلى عبد الملك بن عمرو الأحول ، قال : «تلا أبو عبد الله عليهالسلام قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)(٢). قال : فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده ، فقال : هذا الإقتار. ثمّ قبض قبضة أخرى فأرخى كفّه كلّها ، فقال : هذا الإسراف. ثمّ قبض أخرى فأرخى بعضها وأمسك بعضها ، وقال : هذا القوام» (٣).
[٢ / ٥٣٢٠] وروى بالإسناد إلى ابن محبوب عن يونس بن يعقوب عن حمّاد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل الله ما كان أحسن ولا أوفق (٤) أليس يقول الله عزوجل : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين!» (٥)
[٢ / ٥٣٢١] وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قال : لمّا أمر الله بالنفقة فكانوا أو بعضهم يقولون : ننفق فيذهب مالنا ولا يبقى لنا شيء ، قال : فقال : أنفقوا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، قال : أنفقوا وأنا أرزقكم (٦).
[٢ / ٥٣٢٢] وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : أمرهم الله بالنفقة في سبيل الله ، وأخبرهم أنّ ترك النفقة في سبيل الله التهلكة (٧).
[٢ / ٥٣٢٣] وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الشعب عن الحسن في قوله : (بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٣ / ٧.
(٢) الفرقان ٢٥ : ٦٧.
(٣) الكافي ٤ : ٥٤ ـ ٥٥ / ١.
(٤) أي ما أحسنه وأوفقه! فعل تعجّب.
(٥) نور الثقلين ١ : ١٧٩ ؛ الكافي ٤ : ٥٣ / ٧ ؛ العيّاشيّ ١ : ١٠٦ / ٢١٨ ؛ البحار ٩٣ : ١٦٨ / ١٢.
(٦) الطبري ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ / ٢٥٨٤.
(٧) الطبري ٢ : ٢٧٦ / ٢٥٨٦ ؛ الثعلبي ٢ : ٩١ ؛ البغوي ١ : ٢٣٩ ؛ التبيان ٢ : ١٥٢.