كأيّ بالطّويّ طويّ بدر |
|
من الفتيان والحلل الكرام |
قال : فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاء فزعا يجرّ رداءه من الفزع حتّى انتهى إليه ، فلمّا عاينه الرجل ، فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا كان بيده ليضربه ، قال : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله ، والله لا أطعمها أبدا! فأنزل الله تحريمها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ) إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فقال عمر بن الخطّاب : انتهينا انتهينا! (١).
[٢ / ٦٢٩٤] وأخرج عن السّدّي ، قال : نزلت هذه الآية : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) فلم يزالوا بذلك يشربونها ، حتّى صنع عبد الرحمان بن عوف طعاما ، فدعا ناسا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم عليّ بن أبي طالب ، فقرأ (٢) : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ولم يفهمها ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ يشدّد في الخمر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ)(٣) فكانت لهم حلالا ، يشربون من صلاة الفجر حتّى يرتفع النهار أو ينتصف ، فيقومون إلى صلاة الظهر وهم مصحون (٤) ، ثمّ لا يشربونها حتّى يصلّوا العتمة وهي العشاء ، ثمّ يشربونها ، حتّى ينتصف الليل وينامون ، ثمّ يقومون إلى صلاة الفجر وقد صحوا. فلم يزالوا بذلك يشربونها ، حتّى صنع سعد بن أبي وقّاص طعاما ، فدعا ناسا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم رجل من الأنصار ، فشوى لهم رأس بعير ثمّ دعاهم عليه ، فلمّا أكلوا وشربوا من الخمر سكروا وأخذوا في الحديث ، فتكلّم سعد بشيء ، فغضب الأنصاري ، فرفع لحي (٥) البعير فكسر أنف سعد ، فأنزل الله نسخ الخمر وتحريمها وقال : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(٦).
قلت : زعم بعض أصحاب الحقائد أنّ الّذي قرأ ، هو الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام. ونسب الحاكم النيسابوري هذا الزعم إلى الخوارج ، الحاقدين على الإمام.
[٢ / ٦٢٩٥] أخرج بالإسناد إلى أبي نعيم وقبيصة ، قالا : حدّثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن
__________________
(١) الطبري ٢ : ٤٩٢ ـ ٤٩٣ / ٣٣٠٧ ؛ الثعلبي ٢ : ١٤٢ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٢) سنتكلّم عن مرجع الضمير في «قرأ». وأنّه ابن عوف صاحب الدعوة. الطبري ٥ : ٦١.
(٣) النساء ٤ : ٤٣.
(٤) صحى السكران : ذهب سكره.
(٥) اللّحى : عظم الحنك.
(٦) الطبري ٢ : ٤٩٣ ـ ٤٩٤ / ٣٣٠٩ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.