قال تعالى :
(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨))
[٢ / ٦٦١٣] أخرج أبو داوود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد بن السّكن الأنصاريّة قالت : طلّقت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن للمطلّقة عدّة ، فأنزل الله حين طلّقت العدّة للطلاق : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ). فكانت أوّل من أنزلت فيها العدّة للطلاق (١).
[٢ / ٦٦١٤] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) قال : كان أهل الجاهليّة يطلّق أحدهم ليس لذلك عدّة (٢).
قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)
أي يمكثن ويتريّثن فلا يسرعن في التزوّج بل يحجمن أنفسهنّ فلا يسترسلنّ لمجرّد الرغبات من دون تريّث ، حتّى يمضي عليهنّ ثلاثة قروء هي ثلاث حيضات. فإذا طهرن من الحيضة الثالثة ، فهنّ أملك بأنفسهنّ.
وهنا قد يفصّل بين انقضاء العدّة ، فبالدخول في الحيضة الثالثة ، فلا رجعة بعده. وأمّا المكث دون التزوّج فيدوم حتّى انقضاء الدم. ولعلّ هذا احتياط في المسألة ، كان مجاله الفقه.
والكلام هنا في «القرء» هل هو الحيض أم الطهر ، كان مثارا للاختلاف بين الفقهاء ، قديما وحديثا. فلنعرض الكلام فيه حسب الأثر الوارد فيه والمستفاد لغويّا وعند عرف اللغة وأرباب التفاسير.
__________________
(١) الدرّ ١ : ٦٥٦ ؛ أبو داوود ١ : ٥٠٩ / ٢٢٨١ ، باب ٣٦ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤١٤ / ٢١٨٦ ؛ البيهقي ٧ : ٤١٤ ؛ ابن كثير ١ : ٢٧٧ ؛ القرطبي ١٨ : ١٤٩.
(٢) الدرّ ١ : ٦٥٦.