قال تعالى :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨))
هنا وبعد أن شرّع قتال المناوئين من أهل الشرك والنفاق ، جاء السؤال التالي متناسبا مع عادة اعتادت بها العرب ـ وإن كانت قد تتلاعب بها ـ : ما شأن القتال في الأشهر الحرم؟
هذا ولا سيّما بعد أن أبيحت ـ بعض الشيء ـ مناضلة العدوّ ، حتّى في الأشهر الحرم ، ردّا لاعتداء القوم. وضربا على أيديهم في التناوش لحرمات الله ، وعدم إمهالهم لإعادة القوى وتجميعها وإمكان فرصة التآمر على الإسلام والمسلمين.
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ)
[٢ / ٦١٩٦] وذلك لمّا جاء في روايات متعدّدة أنّها نزلت في سريّة عبد الله بن جحش وكان قد بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ثمانية من المهاجرين ـ ليس فيهم أحد من الأنصار ـ ليرصد قريشا ويستخبر أخبارهم ، حتّى وافت السريّة ببطن نخلة ، مرّت عير لقريش تحمل تجارة (زبيبا وأدما) فيها عمرو بن الحضرمي وثلاثة آخرون ، فقتلوا عمرا وأسروا اثنين وفرّ الثالث ، وغنموا العير وساقوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانوا حسبوا أنّه اليوم الأخير من جمادي الآخرة ، لكنّه وافى أوّل رجب وهو من الأشهر الحرم.
فهناك تحرّج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من مسّ الغنائم ، وظنّ القوم أنّهم قد هلكوا وسقط في أيديهم. وأخذت قريش تعيّر على المسلمين هتكهم لحرمات الله. كما تفاءل اليهود بشأن هذا الحادث