أقسام الجهاد وكفر منكره
[٢ / ٦١٢٣] روى الكليني بإسناده عن فضيل بن عياض قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجهاد أسنّة أم فريضة؟ فقال : «الجهاد على أربعة أوجه ، فجهادان فرض ، وجهاد سنّة لا يقام إلّا مع الفرض ، وجهاد سنّة ، فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عزوجل وهو من أعظم الجهاد ، ومجاهدة الّذين يلونكم من الكفار فرض ، وأمّا الجهاد الّذي هو سنّة لا يقام إلّا مع فرض فإنّ مجاهدة العدوّ فرض على جميع الأمّة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمّة ، وهو سنّة على الإمام وحده أن يأتي العدوّ مع الأمّة فيجاهدهم ، وأمّا الجهاد الّذي هو سنّة فكلّ سنّة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال ، لأنّها إحياء سنّة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء».
[٢ / ٦١٢٤] وبإسناده إلى حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سأل رجل أبي عليهالسلام عن حروب أمير المؤمنين عليهالسلام وكان السائل من محبّينا ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بخمسة أسياف : ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتّى تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أو زارها حتّى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلّهم في ذلك اليوم فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، وسيف منها مكفوف وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا ، وحكمه إلينا.
فأمّا السيوف الثلاثة المشهورة ، فسيف على مشركي العرب. قال الله عزوجل : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ)(١)(فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ)(٢) فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام وأموالهم وذراريهم سبي على ما سنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه سبى وعفى وقبل الفداء.
والسيف الثاني على أهل الذّمة قال الله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(٣) نزلت هذه الآية في أهل الذّمة ، ثمّ نسخها قوله عزوجل : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ
__________________
(١) التوبة ٩ : ٥.
(٢) التوبة ٩ : ١١.
(٣) البقرة ٢ : ٨٣.