الحسنات» (١).
[٢ / ٦٢٢٥] وقال ـ أيضا ـ : «إنّي لم أر شيئا قطّ أشدّ طلبا ، ولا أسرع دركا ، من حسنة محدثة لذنب قديم» (٢).
[٢ / ٦٢٢٦] وقال الإمام الصادق عليهالسلام : «من عمل سيّئة في السرّ فليعمل حسنة في السرّ ، ومن عمل سيّئة في العلانية فليعمل حسنة في العلانية» (٣).
الموازنة أو المحاطّة
أمّا الموازنة الّتي ذهب إليها أبو هاشم (٤) ـ فقال بمقابلة الحسنات مع السيّئات ليسقط الأقلّ بالأكثر مقدارا ويبقى الفاضل من أحدهما يثاب عليه أو يعاقب محضا ـ فممّا لا دليل عليه في الشريعة ولا شاهد عليه في الكتاب والسنّة ، فضلا عن مخالفته لقانون المجازاة على ذوات الأعمال من غير ما صلة بين عمل وآخر في ترتّب المثوبة أو العقاب! وقد تقدّم إطلاق ما دلّ على أنّ كلّ عمل بذاته يستحقّ فاعله جزاء متماثلا لما ارتكبه من خير أو شرّ.
وعمدة ما يبطل هذا المذهب : أنّ فرضيّة التحاطّ بحاجة إلى ثبوت السنخيّة والمناسبة الذاتيّة بين المتقابلين ، ليوازن أحدهما بالآخر ويسقط الأقلّ ، كما في باب التهاتر في الديون ، فإذا كان له على صاحبه عشرة دراهم ، وكان صاحبه يطلبه أيضا دراهم ، فإنّه يحصل التهاتر إمّا قهرا أو بالمواضعة ، لأنّ كلّا من الحقّين مفروض كونهما نقدين ، لا إذا كان أحدهما نقدا والآخر عرضا. أو أحدهما مال والآخر حقّ.
وهنا ـ في مسألة الموازنة ـ هل يتحاطّ نفس العملين ، أحدهما خير والآخر شرّ؟ أو يتحاطّ جزاؤهما من مثوبة وعقوبة؟ مثلا إذا قام المكلّف بسيّئة هي من مقولة الأعمال كالرّبا وشرب الخمر ، أو تجاوزا بحقوق الآخرين كالغصب وضرب اليتيم ، ثمّ أتى بحسنة هي من قبيل الأذكار كالتسبيحات الأربع ، أو مزيجا من الأفعال والأذكار كنافلة الليل ، ممّا لا تناسب بينها وبين السيّئات الّتي قام بها ؛ فبماذا يتقابل العملان؟
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٣٢٥ ؛ البحار ٦٨ : ٢٤٢ / ١.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٥٩٩ / ٤٩.
(٣) معاني الأخبار : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ / ١.
(٤) انظر : شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبّار : ٦٢٨.