موقفا كان أحسن من موقفه ، ما زال مادّا يديه إلى السماء ودموعه تسيل على خدّيه حتّى تبلغ الأرض ، فلمّا صدر الناس قلت له : يا أبا محمّد ما رأيت موقفا قطّ أحسن من موقفك! قال : والله ما دعوت إلّا لإخواني ، وذلك أنّ أبا الحسن موسى عليهالسلام أخبرني «أنّ من دعا لأخيه بظهر الغيب ، نودي من العرش : ولك مائة ألف ضعف ، فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة ، لواحدة لا أدري تستجاب أم لا!».
[٢ / ٥١٢٣] وعن أبي عبيدة ، عن ثوير قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : «إنّ الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير ، قالوا : نعم الأخ أنت لأخيك ، تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير ، قد أعطاك الله عزوجل مثلي (١) ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه. وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه ، قالوا له : بئس الأخ أنت لأخيك ، كفّ أيّها المستّر على ذنوبه وعورته ، واربع على نفسك (٢) واحمد الله الّذي ستر عليك ، واعلم أنّ الله ـ عزوجل ـ أعلم بعبده منك!».
من تستجاب دعوته
[٢ / ٥١٢٤] روى بالإسناد إلى عيسى بن عبد الله القمّي قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «ثلاثة دعوتهم مستجابة : الحاجّ ، فانظروا كيف تخلفونه. والغازي في سبيل الله ، فانظروا كيف تخلفونه. والمريض فلا تغيظوه ولا تضجروه».
[٢ / ٥١٢٥] وعن حسن بن علي الوشّاء عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان أبي يقول : «خمس دعوات لا تحجبن عن الرّب ـ تبارك وتعالى ـ : دعوة الإمام المقسط ، ودعوة المظلوم ، يقول الله ـ عزوجل ـ : لأنتقمنّ لك ولو بعد حين ، ودعوة الولد الصالح لوالديه ، ودعوة الوالد الصالح لولده ، ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب ، فيقول (٣) : ولك مثله».
[٢ / ٥١٢٦] وعن النوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إيّاكم
__________________
(١) في بعض النسخ [مثل ما سألت] في الموضعين.
(٢) أى اقتصر على نفسك ولا تتعرّض لغيرك. من قولهم : ربع بالمكان إذا توقف فيه.
(٣) أي يقول الله له.