قال ابن عبّاس : أوّل مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير (١).
المجمر والمجمرة : الّتي يوضع فيها الجمر مع الدّخنة بالعود الهنديّ تفوح منه رائحة طيّبة ، يتطيّبون بها مجالس العرس والفرح.
وذلك كناية عن أنّ الزبير تعرّس بأسماء عند ما تحلّل من إحرام عمرة التمتّع.
قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)
وهنا يمضي السياق في بيان أحكام الحجّ خاصّة ، فيبيّن مواعيده ، وآدابه ، وينتهي إلى الحقيقة القصوى والّتي تشكّل ركيزة جميع العبادات والطاعات والقربات ، ألا وهي التقوى من الله ، ورعاية جانبه تعالى حقّ رعايته ، والّتي هي غاية العبوديّة وكنهها الأصيل.
وفي الآية تصريح بأنّ للحجّ وقتا محدّدا ، كسائر العبادات المفروضة من صلاة وصيام عبر الأيّام والشهور.
فلا يصحّ الإحرام بحجّ إلّا في هذه الأشهر المعلومات ، هي : شوّال وذو القعدة والعشر الأوائل من ذي الحجّ. (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) بأن أهلّ بالحجّ ، وكان بذلك قد أوجب على نفسه الإكمال. (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) أي لا ينبغي ذلك للمحرم بإحرام الحجّ.
والرّفث : اللّغو من الكلام بما يقرب أن يكون فحشا. قاله أبو عبيدة واحتجّ بقول العجّاج :
وربّ أسراب حجيج كظّم |
|
عن اللّغا ورفث التكلّم (٢) |
غير أنّ المراد به هنا ـ حسب الرواية عن السّلف (٣) ـ هي العرابة ، أي التغزّل بالنساء واللهو بهنّ (٤) ، تعريضا بإرادة التمتّع بهنّ أيّ أنحاء التمتّع.
جاء في اللّسان : الرفث كلمة جامعة لكلّ ما يريده الرجل من المرأة.
__________________
(١) العقد الفريد ٣ : ٢٠٥.
(٢) ابن عاشور ٢ : ٢٢٩.
(٣) وسنذكرها.
(٤) قال النابغة :
حيّاك ربّي فإنّا لا يحلّ لنا |
|
لهو النساء وإنّ الدّين قد عزما |
يريد من الدين الحجّ. وقد فسّروا قوله : لهو النساء بالغزل بهنّ (ابن عاشور ٢ : ٢٣٠).