هذا ، ولكنّ ابن الزبير نراه قد خالف هذه السنّة الإسلاميّة غير عابه بها :
[٢ / ٥٢٣٢] روى ابن جرير بالإسناد إلى هشام بن عروة ، قال : كان عبد الله بن الزبير يواصل سبعة أيّام ، فلمّا كبر جعلها خمسا ، فلمّا طعق في السنّ جعلها ثلاثا!؟ (١)
[٢ / ٥٢٣٣] ورواه الحاكم بالإسناد إلى أبي مليكة ، قال : كان ابن الزبير يواصل سبعة أيّام ، فيصبح يوم الثالث وهو أليثنا! أي كأنّه ليث أليث (٢).
وهكذا رواه ابن كثير ، وقال : كان يواصل سبعة أيّام ويصبح في اليوم السابع ، أقواهم وأجلدهم! (٣)
[٢ / ٥٢٣٤] وأخرج ابن جرير عن أبي إسحاق : أنّ ابن أبي نعيم كان يواصل من الأيّام ، حتّى لا يستطيع أن يقوم! فقال عمرو بن ميمون : لو أدرك هذا أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لرجموه (٤).
[٢ / ٥٢٣٥] وعن حفص عن عبد الملك ، قال : كان ابن أبي يعمر يفطر في كلّ شهر مرّة!! (٥)
[٢ / ٥٢٣٦] وأخرج عن الفروي ، قال : سمعت مالكا يقول : كان عامر بن عبد الله بن الزبير يواصل ليلة ستّ عشرة وليلة سبع عشرة من رمضان لا يفطر بينهما ، فلقيته فقلت له : يا أبا الحرث ماذا تجده يقوّيك في وصالك؟ قال : السمن أشربه أجده يبلّ عروقي ، فأمّا الماء فإنّه يخرج من جسدي! (٦)
قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) والمناسبة قريبة بين الأمور الثلاثة : الصيام والدعاء والاعتكاف ، ولا سيّما بملاحظة شهر رمضان ، شهر الله وربيع العبادة والابتهال إلى الله. والاعتكاف وهو الخلوة إلى الله في فجوات الليل والنهار ثلاثة أيّام. ضمن المساجد وهي بيوت الله ، وأفضل أوقاتها العشر الأخير من شهر رمضان. ومخّها وأساسها الدعاء والابتهال إليه سبحانه. نعم من اعتكف في بيت من بيوته تعالى ، فقد عكف على العبادة له ، خالصة من كلّ لذائذ الحياة فيما سوى الانقطاع لديه ، وهو من أفضل اللذّات ، حيث
__________________
(١) الطبري ٢ : ٢٤٢ / ٢٤٨٢ ؛ كنز العمّال ١٣ : ٤٧١ / ٣٧٢٣١. قوله «طعق» بمعنى كبر جدّا.
(٢) الحاكم ٣ : ٥٤٩.
(٣) ابن كثير ١ : ٢٣٠.
(٤) الطبري ٢ : ٢٤٤ / ٢٤٨٥.
(٥) المصدر : ٢٤٢ / ٢٤٨٣.
(٦) المصدر / ٢٤٨٤.