قال تعالى :
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥))
قد يبدو أنّ هناك كانت أسئلة وجّهها المسلمون إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استعلاما لمواضع من أحكام قد كانوا يجهلونها ، الأمر الّذي يوحي بيقظة في العقيدة الإسلاميّة واستيلائها على نفوس الجماعة ، المسلمون ، وهم في إبّان المرحلة.
كما أنّ هناك كانت أسئلة تثار بسبب حملات الكيديّة الّتي كان يشنّها اليهود والمنافقون ، حول بعض التصرّفات أو التحوّلات في الحركة الإسلاميّة الآخذة في التصاعد والاشتهار.
وهذا يصوّر جانبا من المعركة الّتي كان القرآن يخوضها تارة في نفوس المسلمين ، وأخرى في صفّ المسلمين ، ضد الكائدين والمناوئين.
وهنا وقع السؤال عن الإنفاق ، ماذا ينفقون؟
نعم كان الإنفاق في مثل تلك الظروف الّتي عاناها المسلمون آنذاك ، ضرورة لقيام الجماعة المسلمة في وجه تلك الصعاب والمشاقّ والحرب الّتي كانت تواجهها وتكتنفها ، ثمّ هو ضرورة من ناحية أخرى ، من ناحية التضامن والتكافل بين أفراد الجماعة ، وإزالة الفوارق الشعوريّة ، بحيث لا يحسّ أحد إلّا أنّه عضو في ذلك الجسد ، لا يحتجن دونه شيئا ، ولا يحتجز عنه شيئا ، وهو أمر له قيمته الكبرى في قيام الجماعة شعوريّا ، إذا كان سدّ الحاجة له قيمته في قيامها عمليّا.
وهنا يسأل بعض المسلمين ـ ولعلّهم من أثريائهم ـ : (ما ذا يُنْفِقُونَ) ، وهو سؤال عن نوع ما ينفقون ، فجاءهم الجواب : يبيّن صفة الإنفاق وأنّه لا بدّ أن يكون من صفو المال ، وليعود خيره إلى المنفق والمنفق عليه ، وبالتالي يعود خيره إلى الأمّة في حياتها الجماعيّة الآخذة في التعاضد والتضامن.
كما ويحدّد مواضع مصرفه الأولى فالأولى.