إنّ أباك قد نهى عنها! فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها ، وصنعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أأمر أبي نتّبع أم أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال : لقد صنعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
[٢ / ٥٥٠١] وروى ابن إسحاق عن الزّهري عن سالم قال : إنّي لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ؛ فقال ابن عمر : حسن جميل! قال :
فإنّ أباك كان ينهى عنها! فقال : ويلك ، فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر به ، أفبقول أبي آخذ أم بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! قم عنّي.
قال القرطبي : أخرجه الدار قطني وأخرجه أبو عيسى الترمذي (٢).
[٢ / ٥٥٠٢] وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وأحمد عن الحسن ، أنّ عمر بن الخطّاب همّ أن ينهى عن متعة الحجّ فقام إليه أبيّ بن كعب فقال : ليس ذلك لك ، قد نزل بها كتاب الله واعتمرناها مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فترك عمر! (٣)
خلاصة القول في متعة الحجّ
قلت : لا يزال المسلمون ـ على مختلف مذاهبهم ـ يعملون وفق ما أرشدهم إليه النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم جريا مع الكتاب والسنّة وعمل الأصحاب ، غير أنّ عمر حاول المنع منه ، لما استهجنه من توجّه الناس إلى عرفة ورؤوسهم تقطر ماء ، مجرّد اجتهاد في مقابلة النصّ!!
وقد عرفت من حديث أبي موسى قولة عمر : كرهت أن يظلّوا معرسين بهنّ في الأراك (موضع قرب نمرة) ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم! وكان يصرّ على فصل العمرة عن الحجّ ، وأن لا عمرة في أشهر الحجّ ، كما كان عليه أهل الجاهليّة ، ولعلّها بقيّة منها.
__________________
(١) الترمذي ٢ : ١٥٩ / ٨٢٣.
(٢) القرطبي ٢ : ٣٨٨ ؛ الترمذي ٢ : ١٥٩ / ٨٢٣ ، وقال : حسن صحيح.
(٣) الدرّ ١ : ٥٢١ ؛ مسند أحمد ٥ : ١٤٢ ـ ١٤٣ ، بلفظ : عن الحسن أنّ عمر أراد أن ينهى عن متعة الحجّ فقال له أبيّ : ليس ذلك لك ، قد تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم ينهنا عن ذلك ، فأضرب عن ذلك عمر ؛ مجمع الزوائد ١ : ٢٨٥ ، كتاب الطهارة ، باب فيما صبغ بالنجاسة ؛ كنز العمّال ٥ : ١٦٧ ـ ١٦٨ / ١٢٤٨٧.