كلام عن القرء
قال الراغب : قرأت المرأة : رأت الدم ، والقرء في الحقيقة اسم للدخول في الحيض عن طهر ، جامعا بين الأمرين ، وليس القرء اسما للطهر مجرّدا ولا للحيض مجرّدا. وقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) أي ثلاثة دخول من الطهر في الحيض.
ثمّ أخذ في تأويل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعي الصلاة أيّام أقرائك» أي أيّام حيضك ، بنحو من العناية والمجاز (١).
قال ابن فارس : فأمّا أقرأت المرأة ، فيقال : إنّها من باب الجمع ، كأنّها قد جمعت دمها في جوفها فلم ترخه ، وذكروا أنّها تكون كذا في حال طهرها. وناس يقولون : إنّما إقراؤها : خروجها من طهر إلى حيض ، أو من حيض إلى طهر.
قال : وجملة هذه الكلمة أنّها مشكلة (٢).
وذكر الزمخشري ـ في الأساس ـ قولا واحدا ، قال : وأقرأت المرأة : حاضت (٣). لكنّه تردّد ـ في الفائق ـ قال : والقرء في الأصل : الجمع ، ثمّ قيل لوقت الأمر : قرء. ومن ذلك قرء المرأة لوقت حيضها أو طهرها. هذا مع أنّه ذكر أوّلا حديث طلاق الأمة : تطليقتان. وقرؤها حيضتان (٤).
***
وفي المحكم لابن سيده : القرء والقرء : الحيض والطهر ، ضدّ. وذلك أنّ القرء : الوقت ، فقد يكون للحيض وللطهر (٥).
قلت : إذا كان القرء بمعنى الوقت ، فهو لوقت الحيض (عادتها) أنسب من وقت طهرها. إذ لا وقت للطهر ـ وهو دائميّ بحسب الطبع ـ وإنّما الوقت للحيض ، الّذي هو عارض موقوت.
ومن ثمّ فسّر ابن سيده قولهم : قرأت المرأة ، إذا رأت الدم. وهكذا قال : والمقرّاة : الّتي ينتظر بها انقضاء أقرائها. قال : وقال أبو عمرو بن علاء : دفع فلان جاريته إلى فلانة تقرّؤها ، أي تمسكها عندها حتّى تحيض ، للاستبراء (٦).
__________________
(١) المفردات : ٤٠١ ـ ٤٠٢. مادّة «قرو» إذا همز.
(٢) معجم مقاييس اللغة ٥ : ٧٩ مادّة «قرى» إذا همز.
(٣) أساس البلاغة ٢ : ٢٣٩.
(٤) الفائق ٣ : ١٧٨.
(٥) المحكم والمحيط الأعظم ٦ : ٤٧٠.
(٦) المصدر : ٤٧١.